لم يكن الوطن والمواطن في حالة ترقب أو تفاعل أو تطلع في أي وقت مضى منه في ترقبه لرؤية الوطن وتفاعله مع ما طرح فيها من محاور شاملة وتطلعه إلى أن يراها على أرض الواقع، ولم يكن المواطن البسيط أو غيره في شوق للمستقبل مثلما هو الآن لأن الرؤية أتت لتقول إننا من الحاضر ينبني المستقبل، ومن مرتكزات وثوابت الماضي لنجذر الرؤية ونجعلها أكثر رسوخاً وملامسة لاحتياجات الإنسان مع الالتزام بالأصالة الدينية والثقافية والسلوكيات المحافظة. وهذا كله قد دون في إصدارها بكل وضوح وشفافية ولغة سهلة يستطيع كل إنسان أن يفهمها، لأنه سيشارك في تنفيذها بنفسه وعليه جزء بحجم إيجابيته في أن يجعلها واقعاً له قبل أن تكون واقعاً للوطن بأكمله. هذه الرؤية التي انطلقت من مرتكزات نمتلكها لوحدنا ولا ينافس الوطن عليها أي وطن آخر، وهي مصادر قوة وفرص مستمرة حبانا الله بها، وله الفضل وحده في ذلك، وراهنت على ثروات في باطن الأرض وخارجها ستمكنها من الريادة في القيادة لهذا العالم أجمع.
ومن هذا المدخل سنقف موقف الإعجاب والإشادة لصحيفتنا الغالية الجزيرة في تعاطيها مع تلك الرؤية وبمهنية عالية وحس وطني أقل ما يُقال عنه أنه متفرد، أو لم نجده في الوسط الإعلامي الواسع التقليدي منه والحديث وكذلك المقروء والمسموع والمشاهد، والاختلاف هنا طبيعي ولكن أيها أفضل في النتيجة وأصدق في الحس وأثبت في الأذهان وأرقى في التحليل وأشمل في الرأي وأكثر من الإيضاح والأبعد عن الإثارة والأطيب في الأثر، ولهذا الرأي مسببات من أهمها:
1- إصدار صفحة خاصة لها بشكل يومي من تاريخ صدور الرؤية من أجل رصد التفاعل الشعبي معها ومن خلال زوايا مختلفة يراها الكتاب الذين احتوت كتابتهم ونشرتها دون تعديل أو حذف أو إضافة، لأنه رأي خاص لا يملكه إلا صاحبه، وهذا بخلاف ما يكتبه الكتاب أصحاب الزوايا الثابتة ومن يكتبون في صفحات وجهات نظر والصفحات المتخصصة كعلاقة الرؤية بالرياضة أو الفن والترفيه أو الاقتصاد والتنمية أو في العلاقات الدولية ذات التأثير المباشر فيها.
2- تركيز الصحيفة على محتوى الرؤية ومحاورها واستخلاص العناوين البارزة في كل محور كي توجد له الأهمية ويكسب هذا المحور بالتالي الحديث حوله، وفي ذلك رسالة إعلامية توجه بمهنية لإشباعها راياً وثابة وتحليلاً يرسخها.
3- قياس مستوى التفاعل عبر وسائل التواصل وإيراد مجموعة من التغريدات اليومية للعشرات من الكتاب والمهتمين، وهذا دون شك يعطي دلالة تعزيز المحتوى وتوضح محاور الرؤية وأين تقع الاهتمامات التي يراها المواطنون وغيرهم.
4- تركيز الجزيرة في أكثر من طرح على دور المواطن في تحقيق تلك الرؤية لأنه طرف أساس فيها وأنها لم تُقر أو تصدر إلا لمصلحته، ومخاطبة الحس الوطني الذي يميز المواطن حتى تضمن بذلك التدافع الإيجابي من كل الأطراف لجعلها واقعاً ملموساً، وكان في هذا التوجه المحمود لها فهم شامل من المواطنين وأصبحوا يعرفون محاورها ومؤشرات الأداء التي يمكن قياس النجاح من خلالها، وأصبحوا كذلك يناقشونها بالتفاصيل في المنتديات العامة والمجالس الخاصة.
5- الابتعاد الكامل عن الربط بين محتوى الرؤية وشخصية المتحدث عنها ومعاملتها ككيان اعتباري مستقل حتى تضمن لردود الفعل المصداقية وطرح النقد بشفافية فغرض ذلك هو تحصين الرؤية من النقص قدر الإمكان ونجحت بامتياز.
6- في التعاطي مع الرؤية ومحاورها ركزت الجزيرة الصحيفة والصفحة على العنوان الدقيق والصورة الصادقة لأنها أول ما يلفت انتباه القارئ، وهذا الاستشهاد يؤكد الأرضية الصلبة التي تتكئ عليها الرؤية وتنطلق منها للمستقبل.
7- فتحت الجزيرة الباب للإخوة الوافدين والمستضافين في هذا البلد الكريم للحديث عن رؤيتهم في الرؤية على مختلف مستوياتهم العلمية والعملية وأسهموا بتحقيق الريادة في الطرح وأثروا النقاش حولها وبما يؤكد تفرد إصدارها الإعلامي.
8- أسهم الثوب الجديد للصحيفة العريقة في إبراز الكثير من العطاءات السابقة واستشراف المستقبل من خلال تلك الرؤية أو ما يطرحه مجلس الاقتصاد والتنمية وهو المظلة والأرض لرؤية الوطن لعام 2030 فتكامل الشكل والمحتوى.
ختاماً، من لا يرى أهمية الإعلام في إيصال الرؤية فإنه لم ولن يرى الرؤية في الأصل ولم يطلع عليها أو يهتم بها، وهذا ما نستبعده بالكامل، فالإعلام شريك رئيس في كل هم وطني، وهو السلطة القوية، وإن لم يتحقق الانسجام ما بين قرار الدولة وخطتها مع الإعلام والمواطن فهل سنرى مثل ذلك المستقبل الذي لا نشك مطلقاً في أنه سيكون متوافقاً مع تطلعات القيادة واحتياجات المواطن، وسيصنع الفرق فيه التوأمة الصادقة بين أطرف الرؤية، ولذلك فإن الجميع يتطلع إلى تفاعل وسائل الإعلام والإعلاميين والمشاهير مع تلك الرؤية وتحليل محاورها وتقريبها بصورة أكبر لكل المواطنين كي يسهموا في تحقيقها، لأنهم جزء منها، ولا بد أن يكون التدافع إيجابياً في تحقيقها، فهي لحاضرنا ومستقبلنا ومن ثم مستقبل الأجيال القادمة، وهي بحق الخطة الأولى والرؤية الاستثناء التي أخذ رأي المواطنين فيها وشملت كل مناحي الحياة من أجل أن تكون التنمية شاملة والتطور عاماً والرضى تاماً لوطن قد اختصنا الله به وعلينا تحقيق تطوره وازدهاره.
فهد بن أحمد الصالح - عضو المجلس البلدي لمدينة الرياض