رمضان جريدي العنزي
أعداؤنا يسيرون نحونا بسرعة الضوء، لا بسرعة السلاحف، الأضداد حولنا تتصارع بقوة، وتقاطعات المصالح بقربنا تنمو، والدوائر تكبر، والنار تستعر، واللهب يعلو، والفوضى غير الخلاقة تزدهر، والزمن تحول إلى جنائز، وساعات رثاء، ومواويل حزن، والغيمة أصبحت غير ماطرة، فليس لدينا بعد هذا وقت للوقوف على الطلل، أو ممارسة القيلولة تحت ظل شجرة فارهة، ظلها مديد، أو السباحة على شاطئ جميل، فما أجمل أن نفيق، وإلى الأمام بثبات ويقين نسير، فوجودنا وجود، على مر التاريخ وجود، لا نعرف القيود، ولا النكران، ولا الجحود، سنقف ضد كل من يحاول أن يحاصرنا بالعطش والغدر والنفاق والسمسرة والاستبداد والفساد والبطش والوسوسة، والشيطان المريد، فمثلنا لا يباع ولا يشترى، وعصي على إعادة التصنيع والقولبة، نقولها لأن أرضنا عز، وأرض كرامة، لا تخضع لشريعة الشر والغاب والأهواء والمهانة، وكل بقعة منها مهابة، ودولتنا دولة فخر، وغير دولتنا، دويلات خرابة، دويلات ملل ونحل، صنائع الروم والفرس والعجم، دويلات لا رائحة منها غير رائحة السفه والعفن، دويلات تستأسد على بني جلدتها وتتأرنب أمام الأكاسرة والقياصرة، دويلات لا ذمة لها ولا ضمير، تحالفوا مع الشيطان ودول الاستكبار من أجل ذبح الناس، وحرق الزرع، وهدم الديار، سلبوا الإرادات والثروات وقتلوا المبادئ والقيم، من أجل وعود بتنصيبهم علية قوم وسادة، يكفي أن معادنهم رخيصة، لا ترتبط بالمعادن الطاهرة والنفيسة، فالذي يذل نفسه، ويرهن بلده، استجابة للترغيب أو الترهيب، يعد حقيرا صغيرا ذليلا، حتى لو وضعوا تحت قدميه خزائن الدنيا كلها، وألبسوه التيجان المرصعة بالذهب، فلا يهمه أن قتلوا أهله، أو نهبوا ماله، أو طعنوا أطفاله بالسيوف أو الرماح، فشتان بين حاكم وطني خلقه رفيع، وإيمانه صادق، وبين حاكم لا وطني، خلقة خلق منافق، مهادن مسوف ومتاجر، هؤلاء تذللوا للغريب، وارتكبوا المعاصي في حق الأوطان والشعوب، لا يجمعهم مع الخير جامع، فهم مع الشيطان على الشر وارد، الفرقة والتبعية والاستبداد دائهم الذي ينخر في أجسادهم الواهنة، وعقولهم المؤجرة، أن من يرهن يديه لقيود اللص الغريب، لن يكون للخير بديلا، هو جهنم، هو زمهرير، لا خير فيه، وليس عنده دليل، نديم يعاقر بكأسه الليل الطويل، يا ضيعته، لم يبق له من الكرامة سوى الأشد من القليل، لم يترك شيئا يذكر غير الذل والعار، وفراش منام، وكوز ماء ملوث، وبعض أوهام، هؤلاء لينالوا من الناس العفو والغفران، فما فعلوه في أوطانهم لا يفعله الغلمان، ولا القرد ولا السعدان، وجرائمهم لا تقبل النسيان، وخطاياهم لا تقرها كل الأديان، ستظل أعمالهم عاراً عليهم ما بقى الزمان، وظل الضمير حياً والوجدان، عرفوا باللؤم والسفالة، والخسة والضحالة، والعمالة، والخبث والتخلف والجهالة، لكننا لن نسكت من الآن عنهم، وسندافع عن بلادنا الطاهرة منهم، رصاصا وحرفا، قولا وفعلا، فهم قد شربوا حليب الحقد علينا من زمن، حتى طال بهم الأمد، وتضاعفوا علينا بالعدد، لكن بعون الواحد الأحد، الفرد الصمد، نحن أقوياء للأبد، فكم للنوائب نتحدى ونصمد، وكم قمة للعلياء نصعد، فليعلم الحاقدين الكارهين الجاحدين بأننا ننعم في عيش رغد، وهم يعيشون في حقد ولؤم وبغض وحسد، هذا ما يقوله عقلي وقلبي، ويشهد على ذلك ربي.