محمد الشهري
لم يدع أسلافنا حالة تستحق التوريث إلاّ (أطّروها) كدرس، أو كمثل، أو حكمة تظل متداولة ومتوارثة عبر الأجيال المتعاقبة بغرض الاستفادة. على سبيل المثال: هناك مثل أو حكمة قديمة فحواها.. أن الناقة أو الشاة التي تكثر وتبالغ في (حَكّ) جلدها بالصخور وبجذوع الأشجار، وبكلما هو صلب، إنما يدل يقيناً على أنها مصابة بـ(الجرب) ما يستدعي عزلها أولاً، ومن ثم البحث لها عن العلاج المناسب.. فقيل في ذلك: (ما احتكّت إلاّ جربا).
الغرض من المقدمة أعلاه ليس البحث في دهاليز التراث، أبداً، وإنما للربط بين حالة وأخرى مشابهة ومطابقة تماماً، شكلاً ومضموناً.
ذلكم أن حالات (الهذيان والهيجان) التي اجتاحت الأوساط الأهلاوية والنصراوية تحديداً على إثر قرب الإعلان الرسمي من قِبل الجهة المعنية بتوثيق البطولات الرسمية الخاصة بكل نادي.. وما واكب المسألة من استنفار على كافة الأصعدة إلى درجة الاستفزاع بكُتاب (الفجل والبقدونس)، ناهيك عن الاستفزاع بمؤرخي (مع الخيل يا شقرا) للحيلولة دون ظهور ذلك الإعلان بشتى الطرق والذرائع المضحكة، إنما يدل، وبما لا يدع أي مجال لأي شك أنهم يريدون أن تظل المسألة (سبهللة) إلى درجة أن بطولة واحدة ما، في موسم ما، مدونة في قراطيس أكثر من فريق، الكل منهم يدّعي الحصول عليها وينسبها لنفسه، وهذه لوحدها تتجاوز كونها فضيحة، بل إنها ترقى إلى مستوى الجريمة في حق الرياضة وتاريخها وشرفها؟!!.
هذا التكالب المُعلن الذي بلغ درجة التهديد والوعيد الموجه لقمّة الهرم الرياضي في سبيل نسف هذا الإجراء الحضري رغم أنه ضرورة وليس ترفاً، لكونه يضع الأمور في نصابها، ويحمي مكتسبات الكيانات من التزوير والتزييف والعبث.. إنما يفسّر أسباب خنوع المرجعية -بقياداتها السابقة- وبالتالي عجزها عن تنفيذه؟!!.
ولذلك بات على المرجعية، بقياداتها الراهنة، المضي قدماً، وبحزم، في تحقيق هذا المطلب الضرورة الذي تأخركثيراً، وعدم الانصياع لضغوطات وألاعيب المفلسين والمرجفين الذين يبغونها (سداح مداح) كما فعل أسلافهم، فكما أن التاريخ يحفظ ويخلّد للأبطال بطولاتهم وإنجازاتهم، وللمتخاذلين تخاذلاتهم، فإنه حتماً سيخلّد ويحفظ للمرجعية الراهنة إنجازها هذا، حتى وإن كان من أوجب واجباتها، فلا نامت أعين الجبناء.
مؤهلات الزعامة؟
لا أعتقد أن على وجه الأرض (أرخص ولا أحقر) من الشخص الذي يفترش مساحة في صحيفة، أو يحظى بمساحة من الوقت عبر الفضاء أو الأثير، فقط لكي يمارس الكذب والتدليس والاستخفاف بعقول الناس على الرغم من معرفته التامة بأن الكل على دراية كاملة بحقيقته، لمجرد أن خلفه مجموعة من فاقدي التوازن والأهلية الفكرية يصفقون له كلما أوغل في ممارسة إفكه وحذلقته!!.
أندية مثل: ريال مدريد، برشلونة، بايرن ميونخ، نابولي، يوفنتوس، سان جرمان، ليفربول، مانشستر، الهلال السعودي، الأهلي المصري، على سبيل المثال لا الحصر.. هل حققت زعامتها وشهرتها المحلية والقارية والعالمية نظير تفوقها في لعبة كرة المضرب أو التنس الأرضي، أو أي لعبة أخرى غير كرة القدم، الجواب قطعاً معروف حتى لدى رعاة الأغنام، ولا يجادل فيه إلاّ أحد اثنين، إما أن يكون (أخرق) أو مختلّ الشعور؟!!.
ذلك أن للزعامة (يا هذا) مؤهلات ليس من بينها سواليف المقاهي، ولا حكاوي افتح يا سمسم، ولا حتى بطولات ألعاب (أبو ريالين)، قَلّت أو كثرت، ولاسيما إذا كان أكثر من ثلاثة أرباع جمهور النادي لا يتابعونها ولا يعلمون عنها شيئاً، وهذا لا يعني الانتقاص من شأن أي لعبة بقدر ما يعني ضرورة مراعاة فارق المسافة بين الثرى والثريا؟!!.
أما مؤهلات الزعامة التي لا نقاش ولا خلاف عليها، فتُكتسب عن طريق تحقيق الأرقام القياسية وأعلاها من الألقاب والأولويات، محلياً وإقليمياً وقارياً، في مضمار اللعبة الأولى والأشهر على مستوى العالم، وهي (كرة القدم).
يعني بالمختصر المفيد، وبالعربي الفصيح: عقيدة (إكذب إكذب إكذب حتى يصدّقك الناس)، ذهبت مع مبتكرها ومعتنقيها إلى مزبلة التاريخ، أما اليوم فنحن في عصر (إكذب إكذب إكذب لكي يحتقرك الناس).
دمغة:
صنعوا للحصان «حذوة» فقدّم الـ(...) رِجله!!.