د. جاسر الحربش
نحن الأمريكيين نصنع الفوضى (Chaos) ونصدرها للعالم.
المخرج الأمريكي. أوليفر ستون.
من أمن العقوبة طغى واستباح الآخرين. هذا ما تفعله أمريكا في العالم. إدوارد سنودن، العسكري الأمريكي صاحب الضمير الحي هرب إلى موسكو ليستطيع كشف ما اقتنصه من الملفات السرية وسماه: الجحيم السري للاستخبارات الأمريكية.
كما هو معلوم، أي أمريكي يقتل أو يغتصب مواطنًا في بلد أجنبي لا يحاكم في ذلك البلد وإنما في أمريكا. الطغيان يتضح في كون العقوبة غالبًا لا تتناسب مع فداحة الجريمة. الأمثلة على ذلك لا تحصى، تمتد من أوكيناوا في اليابان وكوريا وفيتنام إلى أفغانستان والعراق والصومال وتشيلي وقرينادا.
الآن يقترب الجحيم السري الذي وصفه سنودن من المملكة العربية السعودية. التخريجة الأخيرة تجري لقانون يسمونه قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب. العالم في الحقيقة بحاجة إلى قانون يحمي العدالة في العالم من الإرهاب الأمريكي.
الجحيم السري الأمريكي لفق أكبر ملف أكاذيب ضد العراق عمدًا، فمسح العراق من خريطة الدول وتحول الجحيم السري إلى جحيم علني ما زال يأكل الأخضر واليابس. اغتصب الجيش الأمريكي نساءً وأطفالاً ومساجين وقتل مليون عراقي وأعاق أكثر منهم وشرد الملايين. لا أحد يستطيع حتى التفكير في المطالبة بالتحقيق في تلك الجرائم. في أفغانستان وباكستان قدمت الاستخبارات الأمريكية الرشاوى لزعماء القبائل وتجار الأفيون، وهؤلاء سلموا للأمريكيين مئات الأشخاص، بعضهم أطفال ونصفهم وجدوا هناك بالصدفة المحضة للزيارة أو التجارة. سجنتهم الحكومة الأمريكية في زنازين خارج الأراضي الأمريكية (جواتنامو) لتحقيق هدفين: التحقيق معهم كمجرمي حرب وهم مدنيون، ولحرمانهم من التقاضي المدني في الأراضي الأمريكية. التحقيق مع تلك الحصيلة العشوائية شمل التعذيب بالإغراق والحرمان من النوم والتحطيم النفسي إلى حافة الجنون. أكثرهم لم تثبت عليهم تهمة من أي نوع فتم تسليمهم بعد الاحتجاز الطويل إلى حكومات متعاونة للمراقبة، خشية أن يفكر أحدهم في الانتقام لضياع عمره وعائلته ومستقبله.
الطائرات الأمريكية بما في ذلك الدرون قتلت وأعاقت المئات وربما الآلاف في الأعراس والأعياد والمستشفيات، وضاعت أرواحهم هدرًا والويل لمن يفكر في المطالبة بالتحقيق في تلك الجرائم.
إسرائيل فقط هي التي لا تسلم أي أمريكي يرتكب جناية عندها لأمريكا والعكس هو ما قد يحدث، ربما باستثناء الخيانة العظمى.
من هنا يتضح الهدف من التدمير المنهجي للجغرافيا العربية والإسلامية، الذي أصبح يقترب من القلب بعد أن قطع الأطراف. من لا يعترف ويطبع مع الدولة الصهيونية يجد نفسه في مخطط التدمير.
أتوقع أن الدولة السعودية سوف تقول لهم: أنتم وحدكم تعرفون الفاعل الحقيقي لجريمة الحادي عشر من سبتمبر ومطبخكم السري عنده الخبر اليقين. كل التحقيقات المحايدة استبعدت قدرة خمسة عشر أحمق جاهلاً على ارتكاب جريمة بتلك الدقة المتناهية. المستفيد الأول والوحيد هو الذي يتحكم في أموالكم وانتخاباتكم وعدالتكم.
للعلم، يهود أمريكا في حدود الواحد في المائة من السكان، لكن ثلث القضاة في المحكمة الأمريكية العليا من أصحاب الهوية الدينية اليهودية، أما أين مفاتيح الخزانة الأمريكية وإمبراطوريات الإعلام والأموال المتحكمة، فالعالم كله يعرف ويعاني وصمت.