خالد بن حمد المالك
أحاول أن أستحضر الأجواء التي سبقت وصول ولي العهد الأمير محمد بن نايف إلى نيويورك لإلقاء كلمة المملكة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، فهنا ترقب وتوقعات عن مضامين الكلمة، كلٌّ يدلي بدلوه، ويتحدث عما يعتقد أن الأمير سوف يقوله للحضور في أكبر محفل عالمي يضم رؤساء دول العالم أو من ينوب عنهم.
* *
العرب والمسلمون، يرون في صوت المملكة، وفي مواقفها الجسورة، وفي تمسكها بالمبادئ التي تؤمن بها، وفي المصداقية التي تتسم بها سياساتها، أنها هي الدولة التي يطمئنون إليها، ويثقون في توجهاتها، ويؤمنون بسلامة قدراتها، لهذا فصوت الأمير ممثل الملك، إنما هو بمثابة صوتهم، وموقفهم، بلا منازع.
* *
ولا بد أن ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، وضع هذه الثقة - العربية - الإسلامية في ذهنه واهتمامه وحساباته، وهو يستعد لإلقاء كلمة المملكة، التي يمكن اعتبارها كلمة العالمين العربي والإسلامي، بحسب هذا الاهتمام الذي تتحدث به آراء العرب والمسلمين هنا، وبحسب تاريخ طويل ومتواصل للمملكة في مواقفها المشرفة من إخوانها العرب والمسلمين على امتداد العالم.
* *
حضرت من قبل اجتماعات للأمم المتحدة، كان من بين المتحدثين من منصتها ملوك وأمراء سعوديون، وفي كل اجتماع كنت ألمح هذا الاهتمام والمتابعة وبث التقدير لسياسة المملكة ومواقفها من قضايا إخوانها في الدول العربية والإسلامية، وكان هذا يثير في نفسي الاعتزاز ببلدي وقادته، لكنه كان يشعرني أيضاً بأن مسؤوليات بلادنا ليست محصورة في خدمة المواطنين السعوديين، وإنما هي دائماً في موقف من سخر خدمته لغير السعوديين، وهذه مسؤولية لا يقوم بها ولا يقدم عليها إلا من كان كما هي المملكة.
* *
سيلقي الأمير محمد بن نايف الكلمة، وسوف يستمع إليها العالم، الصديق والعدو، ويتعرفون على مضامينها، ورؤى الأمير، والأفكار التي ستحتويها، كلها ستكون موضع الاهتمام والتحليل والقراءة بموازاتها بما هو حاصل الآن من إرهاب، وركود اقتصادي، والحاجة إلى إيقاف نزيف الدم في دول عديدة، وتسمية الأشياء بأسمائها، وإدانة من يدعم ويسهم في إشعال الفتن وخلق المشاكل بين مواطني الدول.
* *
الأمير محمد بن نايف، عانت بلاده من الإرهاب ولا تزال، وعانى سموه شخصياً من تقصد حياته في عمل إرهابي جبان، ودفع رجال الأمن والمدنيين السعوديين وغير السعوديين حياتهم في عمليات إجرامية تقودها تنظيمات مدعومة من دول على رأسها إيران، وهذه مسؤولية المجتمع الدولي، بأن يأخذ قراره الصحيح، بمحاسبة هذه القوى المجرمة التي ربما كانت من ضمن ما سيثيره الأمير في خطابه عندما يعتلي منصة الأمم المتحدة لإلقائه.
* *
بيننا وبين إلقاء الكلمة التاريخية لم يعد هناك من وقت طويل، وترقبنا لها، وانتظارنا لما سيقوله سموه، يعزز ثقتنا بأنها ستكون ضمن أهم الكلمات السياسية في التصنيف، عندما يكون الحديث عن الكلمات التي تركت أثراً وتأثيراً في الحاضرين والمتابعين لجلسات اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وما ألقي من كلمات فيها، فصوتنا صوت مسموع، ويحمل كل صفات الحكمة والعقل والاعتدال والاعتماد على الحقائق لا على اختلاق الأكاذيب كما تفعل بعض زعامات الدول.