خالد بن حمد المالك
على هامش الحضور التاريخي لولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف لإلقاء كلمة المملكة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، كان للوفد الإعلامي المرافق لسموه في أول أيام نشاطه في نيويورك لقاءات مكثفة مع عدد من السياسيين الذين يحملون ملفات كثيرة في الأوضاع الساخنة في منطقتنا، وما يمكن أن يشخص بها الحالة التي تمر بها دولنا.
**
بدأت هذه اللقاءات في اليوم الثاني من وصولنا إلى نيويورك بإفطار عمل وجلسة حوار في مقر الوفد السعودي لدى الأمم المتحدة مع مندوبها الدائم لمدة ساعة ونصف، فجلسة حوار مع سفير اليمن لدى الأمم المتحدة على مدى ساعة كاملة ، فلقاء مع جلسة حوار استغرقت ساعة ونصف مع قيادات المعارضة السورية، أي بما مجموعه أربع ساعات ونصف بدأت من الساعة الثامنة والنصف صباحاً بتوقيت نيويورك وحتى الواحدة ظهراً.
**
ومن الواضح للقارئ الترتيب لهذه اللقاءات انطلق من كون المملكة ذات ارتباط بكل من شخصيات اللقاءات والجلسات الثلاث، فمندوبنا لدى المنظمة الدولية لديه ما يقوله عن أهمية حضور ولي العهد لإلقاء كلمة خادم الحرمين الشريفين، ولديه أيضاً ما يتحدث به عن الأمم المتحدة ومواقفها من قضايا المنطقة الملتهبة، ودور المملكة الإيجابي في إطفاء الحرائق المزعجة، وفي اليمن من المهم أن نتعرف على الدور الذي يلعبه السفير اليمني في المنظمة دفاعاً عن الشرعية في بلاده والمؤامرة الكبيرة التي يحيكها أعداء اليمن، وفي هذا السياق فإن المملكة صاحبة موقف معلن من الوضع في اليمن، ومن دعم المعارضة السورية، وهذا ما أعطى أهمية للقاء بقيادات المعارضة السورية.
**
كانت اللقاءات الثلاثة مهمة من حيث اختيار توقيتها، حيث تعقد الجمعية العمومية دورتها الـ71 وسيكون موضوعا اليمن وسوريا من بين ما سوف تتناوله كلمات الرؤساء والقادة، كل وموقفه ووجهة نظره منها، يضاف إلى ذلك أن هذا الحضور الإعلامي السعودي المكثف المرافق للأمير، إنما هو فرصة للتعرف على وجهات نظر الأطراف المنتظرة من الأوضاع في كل من اليمن وسوريا، كما أن مندوب المملكة ذا الحضور الإعلامي الجيد هو الآخر أمام فرصة ليتحدث للإعلاميين عن مكانة المملكة بين دول العالم، وتأثيرها في كثير من القرارات بحكم احترام العالم لمواقفها.
**
الكلام الذي استمعنا إليه، والإجابات التي قيلت رداً على الأسئلة والمداخلات الصحفية، كلامٌ كثير ومهم، حمل معلومات إضافية على ما هو معروف ومتداول، وبالذات عن سوريا واليمن، حيث تعيش الدولتان مرحلة صراع بفعل أيدٍ محلية وخارجية، وتدخل دولي سافر، تبرز فيه إيران كدولة هي من تشعل الحريق، وتهدد استقرار الدولتين، ولا تجد من المنظمة الدولية ما يلزمها لاحترام قوانينها، والكف عن إيذاء الشعبين الشقيقين والتدخل في شؤون الدول الأخرى.
**
الكلام الذي استمعنا إليه مهم، وفيه ما يستحق التعليق، وهذا سيكون موضوع الحلقة الرابعة من هذه السلسلة عن حضور ولي العهد لإلقاء كلمة المملكة، ولعل كل ما قيل في الجلسات الثلاث يلقي الضوء على حجم الجرائم التي ترتكب في حق الشعبين الشقيقين، وخاصة من إيران، التي تلعب مع عناصر محلية ودعم دولي دوراً في جعل سوريا واليمن على النحو الذي نراه من عدم الاستقرار والفوضى التي أكلت الأخضر واليابس.
**
والمملكة -وكما هو معروف- تحاول مع التحالف إطفاء الحرائق في اليمن، والبحث عن مخرج لإعادة النظام الشرعي إلى البلاد، وبالتالي عودة الاستقرار الذي اختفى بعد قيام الحوثيين والمخلوع صالح بانقلابهم واستيلائهم على السلطة ومقدرات البلاد، والمملكة مع المعارضة السورية أيضاً، ولا ترى حلا للصراع الدائر إلا بإقصاء بشار الأسد من سدة الحكم، وترك القرار للسوريين لاختيار النظام الذي يرتضونه من خلال الحوار بعيداً عن الإملاءات والهيمنة والإصرار على بقاء الأسد.
**
وفي كلمة الملك سلمان التي يتوقع أن يلقيها الأمير محمد غداً، سيثير سموه موضوعي اليمن وسوريا، ضمن كلامه عن الإرهاب الذي يضرب منطقتنا بقوة، كون ما يجري في سوريا واليمن هو نوعاً من الإرهاب المنظم الذي تحاول إيران بأن يتوسع ويصل إلى دول عربية أخرى، ضمن أهدافها وسياساتها المعلنة، وممارساتها على الأرض التي لم تعد خافية أو غير معلومة.
**
الأجواء هنا في نيويورك -هذه الأيام- سياسية بامتياز، كل من الزعماء يهيئ نفسه ليقول ما يؤمن به، وكل منهم يجدها فرصة لإسماع العالم ما لديه، وكلمة المملكة ستكون لها أهميتها البالغة؛ كونها دولة مهمة في المساعدة على الاستقرار في المنطقة، والبحث عن حلول لما تعانيه من إرهاب، وهو ما تفعله وتقوم به منفردة أو بالتعاون مع الدول المحبة للسلام، ولهذا يتوقع أن تحمل الكلمة من المضامين ما يؤكد على سلامة القرار السعودي والموقف السعودي من مجمل الأحداث في منطقتنا وفي العالم.