جاسر عبدالعزيز الجاسر
قبل أيام كتب المفكر اللبناني رضوان السيد في صحيفة الشرق الأوسط مقالة جديرة بالاهتمام وأن تخضع للتحليل والدراسة من جميع المسلمين وبالذات من يتصدرون المشهد الفكري والسياسي فضلاً عن المنضويين تحت المسار الديني الذين انجرف الكثير منهم في العمل السياسي مما أوجد خلطًا بين العمل الدعوي والسياسي وخلق بيئة جديدة هيمنت عليها صبغة التسيس الديني.
وبتتبع وتشريح منهجي وعلمي يقول المفكر رضوان السيد: إنه نتيجة لتوجهات سياسية وأيدلوجية من واشنطن وموسكو، ونجاحهما مع الأسف كما يبدي هذا المفكر المسلم الصادق في اختراق المجتمعات الإسلامية أصبح عديد من الكتاب ووسائل الإعلام تتداول مصطلحات مرتبطة بتوجه تيارات إسلامية بأفكار وتوجهات أمريكية وروسية، بعد نجاح الرئيس بوتين في صنع بيئة حاضنة لتكوين تيار لشق الإجماع الإسلامي وبالذات الفضاء الإسلامي السني، أما الرئيس الأمريكي أوباما الذي هللنا له ومع الكثير من المسلمين، فعمل بوعي، أو عن جهالة على دعم وتنمية بل وحتى مساندة المكون الإسلامي الآخر، الذي وإن شكل أقلية إسلامية إلا أن دعم الرئيس الغافل جعله يحقق اختراقًا في الجبهة الإسلامية الأكثر التي تشكل الأغلبية الكبرى، فكان لدعم أوباما للفكر والتمدد الصفوي بتواطئه مع ملالي إيران بل وحتى تفاهمه معهم في العراق وأفغانستان وأخيرًا عقده اتفاقًا مريبًا معهم تحت غطاء محاصرة النشاط التسلحي النووي الإيراني، الذي أتاح لملالي إيران العبث بأمن واستقرار المنطقة العربية من خلال تقديمه واعتبارهم «أمريكيًا» القوة الأكثر جدارة بالثقة، ومع ذلك ما قدم لهم من أموال منها مليارات الدولارات سرًا وعلانية كونها أموالاً إيرانية كانت محتجزة في أمريكا مواقف أوباما الداعمة لنظام ملالي إيران من جهة، وتخليه وتقاعسه عن مساندة حلفاء أمريكا التقليديين من الدول العربية، جعل الكثير من المحللين والمفكرين ومنهم رضوان السيد يصفون مواقف أوباما بن حسين بأنه توجه لصنع تيار إسلامي بنكهة شيعية، وقد عزز هذا الرأي الإشادات المتعددة لأوباما بفكر الإيرانيين في أكثر من مقابلة صحفية وتلفزيونية وهو ما جعل المفكرين يطلقون على هذا التوجه الأمريكي الذي أوجده أوباما وما صنعه من تيار إسلامي يقوده «شيعة أوباما».
أما الرئيس الروسي بوتين الذي لا يخفي عداءه للمسلمين من كلا المكونين، فقد سلك طريقًا آخر لبناء وصنع تيار من المسلمين يعتمد على المناخ الإسلامي الذي يطوق روسيا آسيويًا وداخليًا، فالرئيس بوتين يعلم من خبرته المخابراتية بأن النزعات الصوفية بكل مدارسها وتوجهاتها هي الغالبة على المسلمين في داخل روسيا في الشيشان وداغستان وأنكوشا وغيرها من الجمهوريات ذات الحكم الذاتي في روسيا وفي الجمهوريات الإسلامية المستقلة في آسيا الوسطى، وأن أكثر ما يهدد نسيج روسيا هو تنامي وعودة التمسك بالإسلام الصحيح من خلال الالتزام بالمذاهب السنية الأربعة، الحنفية والحنبلية والمالكية والشافعية والسير على نهج السلف الصالح، ولمواجهة هذه العودة سجل اختراقًا واضحًا بإعادة الاعتبار للصوفية ومن عناوينه الأخيرة عقد مؤتمر للصوفيين في عاصمة الشيشان جروزني الذي أطلق تيار سنة بوتين.