د. أحمد الفراج
تترقب الأوساط السياسية، خصوصاً في الولايات المتحدة والمملكة، ما سيؤول إليه مشروع القانون، الذي يسمح لذوي ضحايا أحداث سبتمبر بمقاضاة المملكة، ونؤكد هنا على أنه لا يزال «مشروع قانون»، وليس «قانون»، وهو الآن، على طاولة الرئيس أوباما، الذي قال إنه سيستخدم الفيتو لتعطيله، وحينها سيعود المشروع إلى مجلس الشيوخ، وفي حال صوتت أغلبية الثلثين لتمريره، ينتقل لمجلس النواب، وفي حال صوتت أغلبية الثلثين لتمريره، يصبح قانوناً، ويلغي ذلك فيتو الرئيس أوباما، والأمر، كما أوضحت في مقالي السابق، ليس بتلك السهولة، فالحصول على تصويت أغلبية الثلثين صعب جداً، في ظل وجود المناورات بين أعضاء الكونجرس، الذين يمثلون، في غالبيتهم العظمى، الحزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، وغالباً، إذا كان الرئيس جاداً في استخدام الفيتو، أي يرغب في الحفاظ على العلاقات التاريخية بين البلدين، فإنه سيحرك أعضاء حزبه في الكونجرس، وذلك ليحذوا حذوه، وبما أنه نادراً، إن لم يكن من شبه المستحيل، أن يكون ثلثي أعضاء الكونجرس من حزب واحد، فإن مشروع القانون الذي يعطله الرئيس، لا يحصل، عدا في حالات قليلة، على تصويت الثلثين، من أعضاء الكونجرس، وذلك عندما يعود إليهم، بعد استخدام الرئيس للفيتو.
الرئيس أوباما، ومنذ توليه الرئاسة، في عام 2008، استخدم الفيتو لتعطيل مشاريع قوانين أقرها الكونجرس تسع مرات، ولم يستطع الكونجرس بشقيه، مجلسي الشيوخ والنواب، أن يصوت بأغلبية الثلثين، ويمرر هذه المشاريع، وبالتالي تعطلت، وهذا أمر جيد بالنسبة لمشروع القانون الحالي، الذي من الممكن أن يدين المملكة، وفي المقابل، فإن الرئيس جورج بوش الابن، استخدم الفيتو 12 مرة، لتعطيل مشاريع قوانين أقرها الكونجرس، خلال رئاسته التي استمرت ثماني سنوات، ومع أن فيتو بوش نجح ثماني مرات، إلا أن الكونجرس استطاع أن يصوت أربع مرات بأغلبية الثلثين، ويمرر القوانين التي حاول بوش تعطيلها، وهي نسبة كبيرة، وقد يكون سبب ذلك أن فترة رئاسة بوش كانت عاصفة، بسبب الحروب التي خاضتها أمريكا في افغانستان والعراق، ومعارضة كثير من أعضاء الكونجرس لذلك، خصوصاً بعدما تبين أن حرب العراق بنيت على معلومات كاذبة، وهناك الرئيس قروفر كليفلاند، الذي استخدم الفيتو، خلال فتراته الرئاسية، 580 مرة، نعم خمسمائة وثمانين مرة، لتعطيل مشاريع قوانين أقرها الكونجرس، ولم يستطع الكونجرس التصويت بأغلبية الثلثين، وإلغاء فيتو الرئيس إلا ست مرات فقط، أي بنسبة أقل من 1 %!!
الكونجرس الأمريكي (مجلسي الشيوخ والنواب) تسيطر عليه حالياً أغلبية جمهورية، وهنا لا بد من ذكر ملاحظتين هامتين، أولاهما: أن وجود رئيس ديمقراطي، لا يعني موافقة أعضاء الكونجرس الديمقراطيين على كل قراراته، وثانيهما: أن بعض الأسماء الجمهورية البارزة في الكونجرس قد تدعم فيتو الرئيس أوباما، فعضو مجلس الشيوخ البارز، لينزلي قرام، صرح بأن إقرار القانون قد يضر بالعلاقات الأمريكية - السعودية، ونتمنى أن تكون هذه رؤية عدد غير قليل من أعضاء الكونجرس، كي لا يتسنى للكونجرس إلغاء فيتو أوباما، وإقرار القانون، وبالتالي كان يتوجب علينا في المملكة التحرك منذ وقت مبكر، واستخدام كل أذرعنا في أمريكا، سواءً اللوبيات، أو وسائل الإعلام، فهذه هي الإستراتيجة الناجعة، في الحراك السياسي الأمريكي، فالعلاقات بين المملكة وأمريكا تظل هامة جداً، مهما اعتراها من فتور، حسب كبار الساسة الأمريكيين، ومعظم المعلقين، وكل ما نخشاه أن يكون الوقت متأخراً الآن، ولكن أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً.