أ.د.عثمان بن صالح العامر
أبارك للوطن يومه السادس والثمانين، الذي يأتي بعد حدثين مهمين في نظري، ولهما دلالتهما الحالية وأبعادهما المستقبلية، "موسم حج ناجح 100%، وتفكيك عنقودية داعشية والقبض على سبعة عشر إرهابياً"، ولذلك فإن الوطن سعادته مضاعفة في هذه المناسبة التي تأتي في ظل ظروف صعبة يعيشها العالم بأسره، خاصة الشرق الأوسط، وعلى وجه أخص منطقة الخليج العربي وبالذات بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية -حفظها الله وحماها وحرسها ووقاها كل شر وفتنة وغدر وخيانة-.
ولكن يجب ألا يكون شعور السعادة -الذي نعيشه ونسأل الله عز وجل أن يدوم- حاجباً لنا عن رؤية حقيقة المرحلة التي نحن فيها، أو منسياً للغالبية العظمى منا أن التربص بنا وببلادنا مستمرٌ، والكيد لنا ولوطننا ما زال، والتخطيط الإرهابي والتنفيذ العنقودي سيبقى خطراً جاثماً على صدورنا -لا سمح الله-.
إن اليوم الوطني كما يذكرنا بجهود الموحد لهذه البلاد المباركة جلالة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله رحمة واسعة- يومئ إلى شيء ملقى على عواتقنا جميعاً من أجل المحافظة على هذا الإرث التاريخي الرائع، والإنجاز البشري الرائد، ولن يتحقق هذا الأمر إلا بأمور خمسة أعتقد أن من الأهمية بمكان التذكير بها في هذه المناسبة الميمونة المباركة، ألا وهي:
* استشعار أهمية التكاتف والتعاون الوطني، والالتفاف حول القيادة السياسية، والاستماع لما تقوله هيئة كبار العلماء في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الأمة.
* التركيز الفعلي على إنجاز العمل الوطني الموكل إليك القيام به، وإخراجه على أحسن صورة ينتظرها الكل منك، وجعل هامش بسيط يصرف للهمّ الوطني الذي يشغل بال الجميع، إذ إن القاعدة تقول "90% من الجهد والوقت يصرف فيما يمكن التأثير فيه و10% فقط ينصرف إلى الهمّ الذي يشغل البال ولا يمكن أن تقدم فيه أو تؤخر؛ لأنك لست من صناع القرار المؤثر فيه".
* الحذر مما يقوله الطابور الخامس ويغرد فيه، إذ إن للأعداء مطبّلين ومصفقين يتمنون لهذه البلاد أن تصبح كغيرها من بلادنا العربية التي ليست ببعيدة عنا، وغالباً ما يركزون فيما يكتبون وينتقدون على الرموز الوطنية، سواء أكانوا علماء أو ساسة أو رجال أمن ومفكرين وكتّابا، وقد يتعمدون إثارة الطائفية أو النعرات القبلية أو التصنيفات الاجتماعية والثقافية الفكرية أو الاقتصادية أو الرياضية أو... مما يؤدي إلى تفتيت المجتمع والتصادمية بين طبقاته وأطيافه المختلفة.
* كن أنت رجل الأمن الأول كما هي وصية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز -رحمه الله- فحماية كل شبر من هذا الوطن مسؤولية مشتركة يجب أن نقوم بها جميعاً بكل إخلاص وتفانٍ حتى نقي أنفسنا ومجتمعاتنا ويلات الشرور والفتن التي تراد لنا.
* الدعاء الدعاء، فالأمر كله بيد الله من قبل ومن بعد، وخيرية الأحداث والأحوال عند الله، فقد نرى فيما يدور من حولنا شرًّا مقبلاً، وإذ به يتكشف عن خير كبير، فلنتعلق بالله سبحانه، ولنبذل الأسباب ونجتهد في دفع الأعداء، وليكن لنا مع الوطن في كل يوم وقفة وفاء، وفي يومنا هذا وقفات محاسبة ومراجعة من أجل عطاء أفضل لوطننا المعطاء المبارك. حفظ الله قادتنا وعلماءنا، وحمى بلادنا، وأدام عزنا، ونصر جندنا، وأعلى رايتنا، ووحد كلمتنا ويسر أمرنا، ووقانا شر من به شر، ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.