سلمان بن محمد العُمري
نحمد الله -عز وجل- ولا نحصي ثناءً عليه على نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة، ومن نعمة التي لا تعد ولا تحصى نعمة الإسلام والإيمان، والأمن في الأوطان والصحة في الأبدان، ووحدة الكلمة والاجتماع، والأمن والأمان، وهذه النعم تستوجب الشكر للواحد الديّان.
ونحن نسعد اليوم بذكرى عزيزة على قلوبنا فإننا نتذكرها ونحمد الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة ففي هذا اليوم المبارك تم إعلان توحيد المملكة العربية السعودية على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- توحّدت القلوب والأفئدة قبل الأراضي. توحّدت على كلمة التوحيد ثم على الحب والوئام، واجتماع الكلمة، وأمن الناس على دينهم وأنفسهم وأعراضهم وأموالهم في وقت كان فيه السلب والنهب والحكم للأقوى، وكان السلب غنيمة حتى وإن كان من حجاج بيت الله الحرام.
ونعم الله -عز وجل- تترى فبعد سنوات قصيرة من إعلان توحيد البلاد أفاء الله سبحانه وتعالى بالخيرات والنعم من كل صوب وهذا من توفيق الله -عز وجل- فأصبح البترول رافداً لميزانية البلاد، واجتمع لهذه البلاد المباركة ولله الحمد خيرات الدنيا والدين، ولم تدخر بلادنا في الإنفاق على الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة والبذل لها والعناية بشؤونها وتسخير الخدمات كافة لقاصديها. كما أنها خصصت من ميزانياتها المبالغ الكبيرة لدعم الأشقاء والأصدقاء في السراء والضراء وعند المحن والكوارث بل والمساهمة في البنية التحتيّة والمشروعات الخدميّة من تعليم وصحة، ودعم اقتصاد لعدد من الدول الشقيقة، وأما دعم العمل الإسلامي فإني أجزم ولا أعتقد أنه ما من عمل إسلامي من مساجد ومراكز إلا وللمملكة يد طولى وبصمة واضحة في مسار هذا العمل.
ولقد تتابع هذا الخير ولله الحمد على بلادنا بوحدة الكلمة والصف والاجتماع بين القيادة الرشيدة الراشدة والشعب منذ عهد المؤسس مروراً بأبنائه من بعده رحمهم الله أجمعين. وحتى العهد الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- سلمت بلادنا ولله الحمد من الاضطرابات والفتن والمحن، ومن الطبيعي أن تمر بها بعض المشاكل ولكن توفيق الله -عز وجل- وعنايته ثم السياسة الحكيمة جعلت الدفّة تسير بكل أمن وطمأنينة واستقرار على جميع الأصعدة.
ولننظر من حولنا من الدول بل في العالم أجمع من أزمات اقتصادية، وتقلبات سياسية، واضطرابات أمنية وانفلات، ونحن -ولله الحمد- نعيش في أمن وأمان ورفاه واطمئنان، وهذا يتطلّب منا أن نحمد الله -عز وجل- ونشكره ونعمل بالمحافظة على هذه النعم التي نحن فيها، وأن نعزّز محبّتنا لبلادنا وقيادتنا وفيما بيننا بروح الأسرة الواحدة في مجتمعنا جميعاً، وأن نحافظ على مكتسباتنا وثوابتنا ونقف صفاً واحداً في وجه كل من يريد العبث والإساءة لوحدتنا واستقرارنا.
ولعلّي ونحن نعيش هذه الفرحة العظيمة بهذا اليوم السعيد الذي أعلن فيه الملك عبدالعزيز توحيد هذه البلاد تحت راية «لا إله إلا الله» وإطلاق اسم المملكة العربية السعودية أن أتذكّر ما سبق أن تحدّث به خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- عن هذا اليوم العزيز على قلوبنا في مناسبة سابقة حيث قال: «هدفنا أن نكون في المقدمة لأننا مؤمنون بإمكاناتنا ومقدراتنا وموقعنا ومؤمنون أكثر بشبابنا الذي بدأ يأخذ موقعه الذي يستحقه بفضل جدّيته وكفاءته، ونتطلّع لأعوام جديدة بطموح وندعو الجميع إلى أن يكونوا جزءاً منها وكل ما حولنا يشير إلى نهضة جديدة ونحن نتطلّع إلى ثمرات نقطفها قريباً، ونحتاج إلى مشاركتنا بفكر إيجابي نظرته أشمل وأعم وأبعد من الدوائر الضيّقة».
ولقد استبشر الجميع برؤية التحول الوطني 2030 وبكل تأكيد أنها نقلة مهمّة في مسار التنمية الوطنية ولكنها تحتاج من الجميع إلى التكاتف والتعاون حتى نسير ببلادنا نحو الأمام ونحقق تطلعات القيادة والشعب على حد سواء وهو المؤمّل في أبناء بلادنا الذين أثبتوا جدارتهم وكفاءتهم في الميادين كافة.
كما يجب التأكيد على أنّ بلادنا وهي تعيش في استقرار عام وتام فإن هناك أعداء يتربّصون بنا الدوائر ويكيدون لنا، ويريدون بناء السوء وعلى شبابنا على وجه الخصوص الالتفاف حول قيادتهم والمضي صفاً واحداً ليكونوا درعاً حصيناً للبلاد وأهله وألا يسهموا مع أعداء الملّة والدّين في الإساءة لدينهم وبلادهم ومكتسباتهم. قال تعالى: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ) [البقرة:126].