تضمن القوانين والأنظمة والأعراف الدولية للدول حماية نفسها وحدودها من كل معتد، وصد كل طغيان مسلح أو عقدي أو فكري يهدد أمنها ومقدراتها، لذلك كان للمملكة العربية السعودية حق الذود عن حدودها وردّ أي مساس بها وردع أي محاولة ضدها، ومملكة الإِنسانية منذ نشأتها على يد موحد المملكة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل - طيَّب الله ثراه - تربط سياساتها وعلاقاتها الدولية بالأخلاق والإِنسانية والمثل العليا التي تربى عليها أبناؤها واكتسبوه من الآباء والأجداد، وحين يتأمل المراقب المنصف إقدام القيادة السعودية على المضي بقرارها بتنفيذ عاصفة الحزم حماية لحدودها وأمنها من التهديدات الخارجية التي أحاطت بها؛ يدرك أن الرياض عندما تتعرض للتهديد بمقدورها توظيف سلطتها العسكرية والسياسية لحث حلفائها من الدول العربية والإسلامية على العمل المشترك بكل تفرعاته، بمعنى ان الخطوة التي اتخذتها الرياض تبعث برسالة قوية مفادها بأن المملكة لا تقف مكتوفة الأيدي عندما يتعلق الأمر بأمنها وسيادتها، وهي مع كل ذلك ملتزمة بالسلام الدولي والإقليمي وتسعى جاهدة لإحلاله وشموليته.
قرارات حازمة
أثبتت الأحداث والمواقف الدولية المتعاقبة أن المملكة تمارس السياسة بدهاء لافت، كما أنها تقف مع الإِنسان في أي مكان ضد أي ظلم يطاله؛ فالدبلوماسية السعودية عرفت بأنها متزنة تضع سياساتها ضمن مصالحها التي لا تسيء إلى أحد، عكس بعض الدول التي تضع سياساتها ضد مصالح غيرها حتى وإن لم يكن لها مصلحة!
حملة عسكرية لافتة في سرعتها وحجمها، أكدت الرياض انها بنيت على قرار سابق لمجلس الأمن أيد الحكومة الشرعية اليمنية، المملكة التي تلقي بثقلها في العملية، نجحت في بداية العمليات بأن وجهت الغارات لتدمير الدفاعات الجوية للحوثيين بالكامل وأكدت فرضها حظرا جويا وبحريا في اليمن، وسمّت السعودية وحلفاؤها حملتهم العسكرية في اليمن (عاصفة الحزم) التي أطلقت في جنح الظلام تلبية لطلب الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور هادي بالدفاع عن الحكومة الشرعية ومواجهة الحوثيين ومن سار خلفهم من قوات الرئيس المخلوع.
عاصفة الحزم العربية جعلت المجتمعات العربية في اتجاه جديد مبني على احترام الذات وصناعة الأحداث والتغييرات، بعد أن اتضح لها أن هناك إرادة حقيقية لدى القيادات في مواجهة التحديات، فعاصفة الحزم العربية أعادت الاعتبار للشخصية العربية وإرادتها في حماية هويتها ودولها ومجتمعاتها، فكان المواطن العربي غير المتخصص يتطلع إلى إضاءات من النخب الإعلامية لإيجابيات الحراك السياسي والدبلوماسي الذي أفرزته (عاصفة الحزم التي أطلقتها عاصمة العزم).
إشادة بالإغاثة
أكد إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، في خطبة له بعد هبوب عاصفة الحزم وذلك في خطبة يوم الجمعة 4/8/1436: أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإِنسانية يأتي امتدادا للدور الرائد للمملكة بلاد الحرمين الشريفين ورسالتها الإسلامية والإِنسانية والعالمية، وإنه بحق لمفخرة تاريخية وإِنسانية ومبادرة حضارية ونقلة إغاثية نوعية في السجل التاريخي الحافل لسلمان الحزم والأمل والعزم والعمل جعله الله في موازين أعماله الصالحة.
وقال السديس في خطبته: إنه من روائع الأمل وبديع التفاؤل ومن أبهر مواقف النبل ومآثر المواساة والتآخي التي سطرتها بلاد الحرمين الشريفين رعاة ورعية في التخفيف من جراحات إخواننا المرزوئين والمصابين، ونصرة الحق على الباطل والعدل على الظلم مهما عتى وتجبر أهله، فكانت إعادة الأمل بعد عاصفة الحزم نورا يضيء البصائر والأبصار ويبعث في النفوس البشر والضياء بعد ما أتت عاصفة الحزم ثمارها وحققت أهدافها لرد اعتداء عصابات البغي والطغيان التي انقلبت على الولاية الشرعية، وخدمت أجندات خارجية تريد أن تزرع بذور الطائفية الإقليمية المقيتة في المنطقة برمتها.
رد الاعتبار
وأكَّد كتّاب الصحف العربية والخليجية تأييدهم لقرار عملية العاصفة، وأن الملك سلمان مثّل أول انتفاضة حقيقية لرد الاعتبار للعرب والمسلمين، فعلى سبيل المثال كتب الاستاذ وائل الحساوي بجريدة الرأي الكويتية، بعنوان: عاصفة الأمل في نفوسنا (ان الملك سلمان مثل أول انتفاضة حقيقية لرد الاعتبار للعرب والمسلمين، وانتفضت دول الخليج بمساندة ثماني دول عربية وإسلامية لتحرير اليمن. وتابع: «إن العزة شيء ثمين لا يشعر به إلا من فقده».
انتصار للحق
وأكَّد الكاتب راجح الخوري في مقاله انتصاران لعاصفة الحزم، في صحيفة النهار اللبنانية: عملية عاصفة الحزم تفتح صفحة وتطوي صفحة، وما حققه الملك سلمان بِرَوِية وتخطيط وحكمة يمثل عملياً انتصارين بارزين: الانتصار العسكري الذي وضع حداً للزحف الحوثي المدعوم إيرانيا والذي كان يريد احتلال عدن وإلغاء الشرعية المعترف بها عربياً ودولياً، خصوصاً أن عشر دول تقف وراء المملكة عسكرياً، والانتصار السياسي الأكثر إبهارا، والذي تجلّى في الإجماع العربي والدولي على دعم العملية لمنع انهيار الشرعية والحيلولة دون انزلاق اليمن إلى الحرب الأهلية، تضاف إلى هذه البراعة في توقيت العملية عشية القمة العربية التي تبنت تشكيل قوة ردع عربية.