رمضان جريدي العنزي
هناك من يحب التفاخر والأنا وحب الظهور حد اللامعقول، يستميت في محاولة السيطرة على زعامة التفاخر، وكرسي الظهور، يحاول بقوة أن يجمع بين كل العناصر الفيزيائية والكيميائية في آن ليصنع من نفسه الواهنة أيقونة ولون ولوحة، يحاول أن يجعل لنفسه فكرا ومنهجا وطريقة وإثارة ورواية وحكاية، معجون بنفسية وذهنية البروز، يحاول أن يكون شيئا ومعنى وملمسا، رغم شخصيته الكرتونية الركيكة في الفعل والعطاء والإنتاج، لديه خلل منهجي واستلاب ثقافي وتراكمية كبرى من التناقضات والعبث، سطحي من الناحية الفكرية والنظرية والتاريخية والفلسفية والثقافية، تناقضاته الصارخة أوصلته إلى إبداع مغاير شكل مساهمة غير علمية، ومعيار عال لثقافة
«الفشخرة» الباهتة، والعظمة المريضة، والتعالي القاصر، يحاول أن يكون خصلة وأثرا وبوصلة وموقعا، يحاول أن يكون يونانياً في الفلسفة، ورومانيا في العمارة، وعربياً في البيان، ويابانياً في الصناعة، وتركياً في الحرب، وهندياً في الشعوذة، وحاتمياً في الكرم، ومتنبياً في الشعر، وهتلرياً في الهيمنة والسيطرة، يحاول أن يكون ألوان الطيف كلها، والبحر والنهر والغرس وتضاريس الأرض، يحاول إظهار نفسه غير التي هي، وأن يضع نفسه فوق الآخرين، بل يطالب نفسه والآخرين بإدراك وتجسيد قيمة التي ينادي بها، له تنوعات متناقضة، وازدواجية في القول والفعل والنهج والمنهج، يحاول أن يكون المنجز والإنجاز، والوصف والأوصاف، والظل والجسد، له ثنائيات متناقضة، وحيل فكرية ضئيلة، وتوفيقيات ترقيعية، تركيباته التبريرية تتشكل تباعاً، يرعاها ويسقيها بنفسه ثم يرتهن لها، يخلق السياقات الفلسفية، ويتجرأ على تناقض الفعل، ليس لديه مسبقات وكوابح ذاتية لكتمان النرجسية الذاتية التي في داخله، له مهارات عالية في تكسير نجاحات الآخرين، يعشق الأطروحات التهبيطية والتثبيطية، التي تذهب إلى عطالة المجتمع، لأنه لم يصل بعد النضج الكافي، سهل أن يمثل بمجريات الآخرين، أما نفسه فلديه إحساس التطور، يصر في مداخلاته ومحادثاته ورواياته على وجوب المدخل السوسيولوجي الشامل لأجل تفسير المبتغى والمراد الذي يريده، ووفق الرؤية التحليلية التي يطرحها لمقاربة هوى الأنا التي تسكن داخله الواهن، له معايير تفاخير وتفاضلية واصطفافية وتحايلية، ومنهج عابث في التلفيق، يكفي أن تقلب صفحاته الشخصية لتجد الأدلة الصارخة على عكسية تفاخراته الذاتية، وتمسكه الضعيف بخيوط اللعبة التي يحاول أن يتقنها، محاولا إضفاء لغة قوله الركيك على وهن واقعه المريض، أن الشرط الأهم لولادة مجتمع فاعل ناشط معطاء، هو تنظيف ساحة هذا المجتمع من هذه الطفيليات البليدة، ورخويات التهريج والتأزيم، لكي نضمن سيرورة المجتمع ونقاءه وتألقه وعطاءه، بعيداً عن فلسفة المتناقضين، الرافضين للأشياء في النهار، والقابلين لها في الليل، المتدثرين بأغطية الوهم والنرجسية، والمتضخمين بالأنا، علينا أن ننبذ هؤلاء القشوريين، الذين يحاولون خلق العصبيات الجاهلية، وبعث الموميات الميتة، وإبراز الذات المزيفة، وتثبيط الناس ونكوصهم، على حساب الحياة السريعة التي تحتاج للحاق بها إلى عمل مكثف وإنتاج وعطاء وتفعيل عقل وتطوير فكر، لاإلى نرجسية ذات ولغو ولهو وهراء.