د.عبدالعزيز الجار الله
عندما نحتفل باليوم الوطني (86) لايعني أن تاريخ دولتنا هو الرقم (86) الذي وضع في بداية تأسيس الدولة الحديثة أو الثالثة، توحيد أقاليم السعودية داخل الجزيرة العربية عام 1351هـ/1932م ، ومن الناحية التاريخية يمكن العودة إلى عام 1818م قيام الدولة السعودية الثانية، أو أبعد من ذلك التاريخ عام 1744م قيام الدولة الأولى.
نحن لا نختلف على أرقام مادام السجل واضح المعالم، وصراع الانسان مستمر يعارك من أجل تثبيت أقدامه مع دول عاشت طوال تاريخها على الانقضاض وقضم الجزيرة العربية مثل: إيران والاستعمار الاوروبي، ودوّل الشمال الأفريقي وشرق أفريقيا. وحتى من داخل الجزيرة العربية: اليمن والعراق وبلدان الشام، وهي مستعدة تنتظر لحظة - الضعف - لاسمح الله وتتدخل بعنف.
عند البدء في التخطيط والتنفيذ للرؤية السعودية2030 يجب ألا يغيب السجل التاريخي لإنسان هذه الأرض الذي عاش سنوات على الكفاف والشح والفقر ولا حيلة له وسط هذه الصحراء فمن الجنوب اليمن وهي لا تستوعب المزيد وخلفها المحيطات بحر العرب والمحيط الهندي، ومن الشرق الخليج العربي وخلفه دولة ظالمة ايران تحارب بالشعوبية والعنصرية والمذهبية، ومن الشمال دول العراق والشام دول تحكمها دول اوروبا الاستعمارية والنفوذ العثماني حولت الجزيرة العربية إلى حديقة خلفية لها، وطرق للحج والتجارة والطمع في الهيمنة على الحرمين الشريفين، وفي الغرب البحر الأحمر بعرض مياهه التي تصل إلى (400) كم شكلت الحاجز والصدع العظيم بين الدرع العربي والدرع النوبي صدع جغرافي وسكاني وأصبح الحاجز بين قارتين، إلى جانب الرغبة من مصر العثمانية السيطرة على الحرمين الشريفين حتى وأن باعدت المسافة بين مصر وفاصل البحر الجغرافي وبين الديار المقدسة .
هذا سجل تاريخي طويل من الصراع السياسي والحضاري كان دائما يهزم فيه إنسان هذه الأرض لأن الجيوش تأتي غازية وطامعة في السيادة على المقدسات، وولاة الدويلات التاريخية كانوا يأتون من بلاد بعيدة يظلمون مجتمعاتنا ويزيدون بالجور ، حتى ولاة الدويلات التي حكمت بعد الخلافة الراشدة كان سجلهم جور وظلم لابناء الجزيرة العربية يضاف إلى حالة البؤس والفقر وشح الموارد الطبيعية في صحراء قاسية بلا أنهار ولامياه عذبة بلا وادي الرافدين ولا هلال خصيب ولا نهر النيل ولا بردى ولا اليرموك، لذا يستحق منا الإنسان السعودي الذي يحمل في ذاكرته ومازال يسمع من آبائه قصص شظف العيش والجوع والفقر الغادر، وكيف كان يفتك بهم المرض والجوع وكيف تموت الناس ويابسة والأجساد تنثني من قلة الزاد ويصبح كالعرجون القديم وأعجاز النخل الخاوية، كانت أيام الأجداد معظمها مسغبة وقحط تغدر بهم الذئاب والسباع والغزاة، يستحق هذا الإنسان السعودي أن تصدر له قرارات في التحول 2020 والرؤية 2030 تنسيه ويلات الهجير وسنوات المرض والجوع.