م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - نحن نحتاج لدراسة التحولات التي مرَّ بها المجتمع السعودي خلال المائة عام الماضية.. فالتجارب مهما علت تكلفتها أو اتسع تأثيرها لا يستفاد منها دون التفكير فيها وتحليلها وتحديد تجلياتها ونقاط عثراتها ومكامن قوتها ومخاطر ضعفها والدروس المستفادة منها.
2 - مرَّ المجتمع السعودي خلال قرن واحد بتحولات هائلة انتقل فيها من حال إلى حال.. انتقلت دولته من الفقر إلى الثراء.. وانتقل أفراده من الجهل إلى العلم.. وانتقل مجتمعه من أمية مطبقة إلى تعليم شامل.. ارتقت بأفراده على مستوى التمدن والتعليم والصحة والمفاهيم والقيم والتقاليد.
3 - هذا المجتمع الفتي الناهض يحتاج أن يعرف كل التفاصيل فهو يستحق ذلك.. فهذا المجتمع شهد ظواهر وتيارات فكرية لم يقتصر تأثيرها على المجال المحلي، بل أثّرت على العالم كله وتأثيرها سوف يمتد لأجيال قادمة.. فدراسة مرحلة ما قبل قيام الدولة السعودية الثالثة وما بعدها.. ومرحلة ما قبل الطفرة النفطية الأولى وما بعدها.. ومرحلة ما قبل (11) سبتمبر وما بعدها.. ومرحلة كل ملك من ملوك المملكة العربية السعودية.. إلى جانب تحديد الظواهر السلبية التي مرَّ بها المجتمع وكيف عالجها.. والتحديات السياسية والاقتصادية والفكرية والطبيعية وكيف واجهها.
4 - يفترض بمجتمع طموح وهو مؤهل أن يحقق طموحاته أن يناقش ما هي أسوأ العادات والتقاليد التي يمارسها.. وما هي المفاهيم والقيم الخاطئة التي يتبعها.. وما هي الأفكار والمعتقدات غير السوية التي يؤمن بها.. وما هي الأخلاقيات الرفيعة التي يجب أن يتصف بها.. كما نريد أن نعرف لماذا استمرأ المجتمع ممارسة تلك العادات والتقاليد السيئة.. ولماذا استمر في الإيمان بتلك المفاهيم والقيم الرديئة.. وما الذي رسخ في أذهان فئة من مجتمعنا تلك الأفكار الخطيرة التي هددت العالم وجعلته كله يقف ضدنا؟!
5 - نعم، نريد أن ننظر إلى الأمام وألا نطرح الأسئلة التي تنكأ الجراح.. كما لا نريد إصدار الأحكام ومجازاة المتهمين.. بل نريد أن نرى بوضوح وأن نضيء دربنا الذي نسير فيه.. لذلك نريد أن نطرح الأسئلة التي طرحها علماء الاجتماع على مجتمعاتهم التي سبقتنا بالتمدن وأن نتساءل: من يقف خلف التقدّم والتخلّف.. وما دور رجال الدين والقبائل والدولة وطوائف المجتمع من تجار ومهنيين وعمال؟
6 - نريد أن نعرف كيف نُدْخِل التحديث والتمدن دون فقد لروحانية الدين.. وكيف ننمي المواطنة فوق القبلية والمذهبية والمناطقية.. وكيف يكون الفرد في مجتمعنا مواطناً أولاً وثانياً وثالثاً وما عداه فهو أمر شخصي بحت يخصه وحده.. وكيف نطور من مفاهيمنا نحو الوطن.. وأن الدين لله والوطن للجميع.