أحمد محمد الطويان
الأوامر الملكية المتعلقة بتخفيض رواتب وامتيازات وبدلات الموظفين.. المؤكد مع صدورها أن انخفاض أسعار النفط لا تعطي مجالاً للإنفاق الذي اعتدنا عليه في ظل الطفرة النفطية، وفي ذات الوقت بإمكاننا الإكمال في الإنفاق المرتفع ولكن وقتها لا يمكننا أبداً تحقيق أي تغيير اقتصادي إيجابي يقودنا إلى التنمية المنشودة.
في الستينات حوَّل الملك فيصل - رحمه الله - اقتصاد المملكة إلى وجهة تنموية حقيقية، وألغى نمط التفكير السائد وقتها، واستلم خزينة تعاني الكثير، بفعل الظروف الإقليمية وقتها، والأوضاع الاقتصادية الخانقة، وواجه الظروف بكثير من الحزم وقيَّد اقتصاد الدولة بخطة تنموية، وفتحه على موارد أخرى، وتجاوزنا الظروف بسلام، وكذلك مع ما أسفرت عنه الحرب العراقية الإيرانية والانخفاض الكبير بأسعار النفط بعدها، جعل الملك فهد -رحمه الله- حاسماً وحازماً وجنب البلاد كارثة مالية، وأيضاً الملك عبدالله عندما كلفه الملك فهد -رحمهما الله- بصلاحيات تعاونه على إدارة شؤون الدولة، واجه أزمة التسعينات بحكمة وشد للأحزمة، وفي كل الحالات، تمضي الأزمة وتعود الأمور أفضل مما كانت عليه.
اليوم سنشد الأحزمة، ونعلم بأن ذلك لن يطول بإذن الله، ولن يؤثر على حياتنا كثيراً، ونعلم أيضاً أننا مقبلون على حل جذري لمسألة انتظار أسعار النفط حتى تقرر علينا الرخاء أو الشدة،، وما يصدر من تشريعات وقرارات يجب أن تُقرأ كما هي ولا نحملها ما لا تحتمل، ولا نربطها بأي أسباب،، باختصار هذه القرارات وسيلة من وسائل تجاوز الأزمات والوصول إلى أرضية تساعد على تحقيق رؤية الدولة، وليست نتيجة من نتائج رؤية الدولة. ويجب أن نعي جيداً بأن في هذه الظروف هناك من يحاول الاستفادة من القرارات والتشريعات للدعاية السلبية ضد الحكومة، واعتبارها ورقة يمكن من خلالها صناعة خطاب عاطفي مضاد وتأليب العوام ضد الدولة.. هذا بالطبع تتوجب مواجهته بالمعلومة الرسمية الموثوقة والتي تخاطب عقول العامة وبلا تعقيدات أو لغة مقعرة، أو غارقة بالأرقام .. يجب أن يعرف الجميع أننا في مركب واحد وأن مسؤولية المواطن تدعيم الخطة الوطنية الشاملة التي ارتضتها القيادة ووثق بها الشعب، وأن المستقبل بيدنا مفاتيحه ولكن علينا أن نعرف كيف نحافظ على هذه المفاتيح، والتي يضيعها الكسل، والخوف، والتردد.. لا للظلاميين ومن يحاولون إرهاب المجتمع اقتصادياً لتحقيق جماهيرية، أو لكسب التأييد باعتباره مدافعاً عن أرزاق خلق الله،، علينا أن نرفض المزايدة والمزايدين، وأن نترك المجال للحكومة لتعمل وتعطي ما لديها، فلا أحد أحرص على المواطن ورفاهيته مثل حكومته التي تريد النجاح ولا يسعدها أن يشعر أحداً من مواطنيها بالضيق.
عام مهم سيسجله التاريخ، فيه تتظافر جهود الجميع لنحقق تنمية حقيقية،، ولا نلقي بالاً لمن يهاجم أو ينتقص أو يؤلب، سواءً في الداخل أو الخارج.
لا إصلاح بلا تضحيات، ولا تنمية بلا ثمن، ولا تجديد بلا تنازلات،، الكل في بازار التحليل الاقتصادي يعرض بضاعته، والكل يشتري، والخاسر معنوياتنا، وآمالنا وطموحاتنا، والسبب الرئيس غياب دور الإعلام التنموي، الذي يتوجب عليه أن يسبق القرار ويتبعه ويسايره، بمنهجية عالية الدقة، وصافية من أي شوائب، وموجهة للمصلحة الوطنية ولا لشيء غيرها.
لذا لا تفكروا كثيراً بالخسارة، فكروا بما سنكسبه جميعاً قريباً جداً بإذن الله.
حفظ الله وطننا،،،