«الجزيرة» - سعد العجيبان:
بناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - يبدأ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية - حفظه الله - اليوم الخميس زيارة رسمية لجمهورية تركيا يلتقي خلالها فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعدداً من كبار المسؤولين.
ومن المقرّر أن يبحث سمو ولي العهد مع الرئيس أردوغان والمسؤولين الأتراك عدداً من الملفات تأتي في مقدمتها تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات إضافة إلى تنسيق مواقف البلدين من قضايا المنطقة المُلحة والتطورات الإقليمية ومكافحة الإرهاب.
وفيما يلتقي ولي العهد عدداً من مسؤولي كبرى الشركات التركية، تسعى الحكومة التركية إلى تعزيز التبادل التجاري مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبر محاولات الوصول إلى اتفاقيات تجارة حرة وتعزيز الفرص الاستثمارية المتبادلة.
أهمية
زيارة ولي العهد لجمهورية تركيا تكتسب أهمية بالغة، إذ تعزِّز مسار الشراكة الإستراتيجية في الوقت الذي شهدت العلاقات السعودية - التركية منذ ما يقرب من العامين نقلة نوعية، تجلت عبر تعزيز العلاقات الثنائية، والتقارب والتنسيق حول إدارة أزمات المنطقة وتهيئة الأرضية لتعزيز التحالف الإسلامي واتخاذ مواقف رسمت ملامح العلاقات، بما يضمن بقاء الأزمات المحيطة بالرياض وأنقرة تحت سيطرة الدولتين المحوريتين في المنطقة.
علاقات تاريخية
تاريخ العلاقات الدبلوماسية السعودية - التركية يعود إلى عام 1929م، إثر توقيع اتفاقية الصداقة والتعاون بين البلدين في العام السابق له، وقد أرست الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين قواعد تلك العلاقة ودعمتها في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية كافة.
توافق وتنسيق
سياسياً.. تتسم مواقف البلدين بالتنسيق والتشاور وتبادل الآراء فيما يخص القضايا التي تهم البلدين وتخدم مصالح الأمة الإسلامية سواء عن طريق الزيارات المتبادلة بين المسؤولين في البلدين أو داخل الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية.
وقد أولى البلدان الشقيقان بوصفهما جزءاً لا يتجزأ من الأمة الإسلامية قضاياها جلَّ اهتمامهما من منطلق إيمانهما بعدالة تلك القضايا وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وما يقومان به من جهود مكثّفة لنصرة الشعب الفلسطيني وللوصول إلى تسوية عادلة للنزاع العربي الإسرائيلي، وكذلك دورهما الفاعل في منظمة التعاون الإسلامي لكل ما فيه خدمة الإسلام والمسلمين.
كما تلتقي رؤية البلدين الشقيقين بمواقف متطابقة تجاه ملفات المنطقة المختلفة كالأزمة السورية وأوضاع اليمن والعراق وليبيا وغيرها، كما أن موقف البلدين يتفق في مواجهة آفة الإرهاب بكل صوره وأشكاله ويدعوان دائماً إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل.
علاقات قوية
وقد سجّلت الزيارات المتبادلة بين القيادتين السعودية والتركية دليلاً ساطعاً على قوة العلاقات ومتانة وشائجها، وشهدت التوقيع على عدد من الاتفاقيات بين البلدين في مختلف المجالات.
ففي إطار الزيارات المتبادلة بين الجانبين استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - حينما كان ولياً للعهد في 15 ربيع الأول 1434هـ الموافق 27 يناير 2013م في الرياض معالي وزير الخارجية التركي البروفيسور أحمد داود أوغلو والوفد المرافق له.
كما قام - رعاه الله - في 11 رجب 1434هـ الموافق 21 مايو 2013م ـ حين كان ولياً للعهد - بزيارة رسمية للجمهورية التركية التقى خلالها بفخامة الرئيس عبدالله غول رئيس الجمهورية التركية وعقدا اجتماعاً استعرضا فيه العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين في مختلف المجالات، وحضرا توقيع اتفاقية التعاون الصناعي الدفاعي بين البلدين التي وقَّعها من الجانب السعودي صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية - رحمه الله - ومن الجانب التركي معالي وزير الخارجية التركي البروفيسور أحمد داود أوغلو.
وفي اليوم نفسه الموافق 11 رجب 1434هـ اجتمع الملك سلمان - حفظه الله - في أنقرة بمعالي وزير الدفاع التركي عصمت يلماز، وبمعالي وزير الخارجية التركي البروفيسور أحمد داود أوغلو كل على حدة.
وفي 12 رجب 1434هـ الموافق 22 مايو 2013م قام الملك سلمان بزيارة لدولة رئيس الوزراء التركي - آنذاك - رجب طيب أردوغان في مقر رئاسة الوزراء في أنقرة وعقدا اجتماعاً بحثا خلاله عدداً من الموضوعات.
وفي 11 جمادى الأولى 1436هـ الموافق 2 مارس 2015م عقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في قصره بالرياض جلسة مباحثات رسمية مع فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا جرى خلالها مناقشة آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيزها في مختلف المجالات إضافة إلى بحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك ومجمل الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية.
وفي 30 شعبان 1436هـ الموافق 17 يونيو 2015م استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في مكتبه بقصر السلام في جدة معالي وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو والوفد المرافق له.
وفي 30 محرم 1437هـ الموافق 12 نوفمبر 2015م وصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى تركيا على رأس وفد المملكة للمشاركة في قمة قادة دول مجموعة العشرين التي عقدت بمدينة أنطاليا، حيث التقى - أيَّده الله - خلال القمة بفخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وزعماء دول مجموعة العشرين. وفي 03 صفر 1437هـ الموافق 15 نوفمبر 2015م التقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في أنطاليا دولة رئيس وزراء تركيا البروفيسور أحمد داوود أوغلو على هامش أعمال قمة مجموعة العشرين.
وقد وقَّعت المملكة وتركيا بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا، على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي التركي.
ويعنى المجلس بالتنسيق بين البلدين في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصاد والتجارة والبنوك والمال والملاحة البحرية، والصناعة والطاقة والزراعة والثقافة والتربية والتكنولوجيا والمجالات العسكرية والصناعات العسكرية والأمن، والإعلام والصحافة والتلفزيون، والشؤون القنصلية.
وفي 18 ربيع الأول 1437هـ الموافق 29 ديسمبر 2015م استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في قصر اليمامة بالرياض فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا وعقدا جلسة مباحثات رسمية جرى خلالها استعراض العلاقات الثنائية وبحث آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين بالإضافة إلى مناقشة تطورات الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية.
علامة بارزة
وتأتي الزيارة التاريخية للملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - إلى تركيا في الرابع عشر من شهر رجب عام 1427هـ الموافق الثامن من أغسطس 2006م علامة بارزة على قوة ومتانة هذه العلاقة، إذ كان من ثمارها التوقيع على ست اتفاقيات ثنائية بين المملكة وتركيا، فقد جرى التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن المشاورات السياسية الثنائية بين وزارتي الخارجية في البلدين، كما جرى التوقيع على بروتوكول تعاون بين المركز الوطني للوثائق والمحفوظات في المملكة والمديرية العامة لأرشيف الدولة برئاسة الوزراء التركية، كما جرى التوقيع على اتفاقية بين حكومتي البلدين بشأن التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات، كذلك جرى التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارتي المالية في البلدين بشأن اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، كما جرى التوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون في المجالات الصحية بين وزارتي الصحة في البلدين، وتم التوقيع على اتفاقية لتنظيم عمليات نقل الركاب والبضائع على الطرق البرية بين حكومتي البلدين.
تطور اقتصادي
وشهد التعاون في المجال الاقتصادي بين المملكة وتركيا منذ توقيع اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والفني عام 1973م تطوراً ونمواً مستمراً، حتى وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 6.4 مليار دولار أمريكي، فيما يصل عدد الشركات السعودية المستثمرة في تركيا إلى أكثر من 700 شركة، بإجمالي استثمارات تصل إلى أكثر من ملياري دولار.
وتعقد حكومة الرياض وأنقرة العزم على توثيق العلاقات الاقتصادية من خلال عقد مجموعة من الاتفاقيات الثنائية التي شكلت الإطار القانوني المناسب لتلك العلاقات، والمضي في تطوير العلاقات الاقتصادية من خلال تبادل الزيارات والمعارض وإنشاء الشركات المشتركة، وارتفاع مستوى التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين.
تعاون ثقافي
وفي المجال الثقافي تأكدت الرغبة المشتركة للبلدين في التعاون الثقافي وتبادل الزيارات من خلال اتفاقية التعاون الثقافي الموقّعة عام 1976م وإقامة الأيام الثقافية السعودية في تركيا التي تضمنت صورًا حيَّة لواقع المملكة الثقافي والأدبي والفني تجسدت من خلال المعارض والمحاضرات والأمسيات والحفلات والعروض الفنية.
وأعطت الأيام الثقافية السعودية في تركيا انطباعاً جيداً عن الثقافة السعودية وتركت صورة طيبة للغاية عن السمات المشتركة لشعبين مسلمين يلتقيان في عدة عناصر منها الدين والتاريخ والمصير المشترك وكانت نقطة انطلاق لتعزيز وتنشيط وتعميق التبادل الثقافي بين البلدين الشقيقين.