جاسر عبدالعزيز الجاسر
قرارات الترشيد التي أصدرها مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين تندرج ضمن مرحلة ضبط الاقتصاد الوطني وإحدى خطوات الإصلاح التي لن تتوقف عند حدود تعديل بنود الرواتب والمكافآت والمزايا التي يحصل عليها موظفو الدولة، بل هي سياسة متواصلة هدفها التلاؤم مع المرحلة التي تعيشها المملكة ودول المنطقة بسبب هبوط الإيرادات بعد تعرض أسعار النفط إلى التراجع إلى أكثر من نصف ما كانت تحققه صادرات هذه السلعة الرئيسة، إضافة إلى توسع الالتزامات التي فرضت على المملكة ودول المنطقة دفاعاً عن البلاد والعباد وتحصين مكتسبات الوطن والمواطن بالتصدي للحملات المعادية التي تعدت ما كان يُحاك من مؤامرات إلى مرحلة العدوان باستهداف الأراضي السعودية بإطلاق الصواريخ ومحاولات التسلل وازدياد عمليات التخريب الموجه من خارج الحدود، وهو ما يتطلب تأمين موازنات ومخصصات إضافية تتطلب ترشيد النفقات وتقديم الأهم على المهم، وقد تضمنت قرارات الأوامر الملكية توازناً شمل الجميع من الوزير إلى الموظف الصغير، فالكل متساوٍ في (التضحية) لمواجهة مرحلة تعد وفق كل المفاهيم مرحلة استهداف للمملكة من قِبل أعداء تقليديين وتواطؤ حتى من كانوا يصنفون كحلفاء ومنهم للأسف أشقاء دفعهم الخوف أو السقوط في براثن الطائفية إلى أن يكونوا مساندين لأعداء الأمة.
القرارات الملكية جوهرها الترشيد وتحصين اقتصاد المملكة وشملت الجميع بلا استثناء سوى من يقدمون دماءهم دفاعاً عن الوطن، وهؤلاء لا نبخل عليهم بأي شيء والتجاوب والمساعدة في تنفيذ وترجمة هذه القرارات يُجسّد ما يردده كل المواطنين بأنهم لن يبخلوا على الوطن، لن يترددوا في بذل الغالي والرخيص حماية لبلدهم وصد العدوان المستمر عليه ومساعدته على مواجهة من يكيدون له، وهذا يتطلب ليس فقط المؤازرة وتأييد هذه الإجراءات التي لن تطول كثيراً بعد أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية والسياسية، بل أيضاً تفعيل العمل ورفع كفاءة الأداء من قبل كل العاملين في القطاعات الحكومية للتأكيد بأنهم يخدمون وطنهم وهدفهم خدمة المواطنين ورفعة شأن بلادهم، وليس العمل من أجل المادة.
أما فيما يخص الشق الآخر من المجتمع مما يُسمى بالقطاع الخاص، وبالذات رجال الأعمال وأصحاب الشركات والمؤسسات وبالتحديد التجار فعليهم أن يتفاعلوا مع هذه المرحلة، وأن يكونوا عوناً للدولة في تجاوز هذه المرحلة بأن يكونوا أكثر رحمة على المواطنين وأن يتقوا الله فيما يفرضونه من أسعار للسلع الخدمية والغذائية والمعيشية، وعليهم أن يقللوا من (جشعهم) بعد أن شبعوا كثيراً دون أن يقدموا ما يحصلون عليه من مكاسب وأرباح.. فقليل من ربح حلال دون استغلال أكثر بركة وإسهاماً في مساعدة الوطن بتجاوز مرحلة لن تستمر طويلاً، إذا تعاونا جميعاً وتكاتفنا لإنجاح خطط الدولة في تحصين الوطن والحفاظ على مكتسبات التنمية، والمساواة في هذا الأمر تتطلب أن يلتزم بها وينفذها الجميع كل من يعيش على هذه الأرض وزيراً أو موظفاً، تاجراً أو رجل أعمال إذ جاء الوقت لترجمة ما كان يردده الجميع بأنه فداء للوطن ومستعد للتضحية من أجله، وعلى رجال الأعمال والتجار أن يصدقوا، ويتساووا مع الموظفين في تضحيتهم التي نرجو أن لا تطول كثيراً.