مها محمد الشريف
لم تضف الخطابات والمؤتمرات وانعقاد الجلسات أي تقدم يذكر؛ للقضية السورية، منذ خمس سنوات ونصف، بل ازدادت الأمور سوءاً وتضاعفت الصراعات والمتناقضات والقتلى والمهاجرين، ففي حين توحدت مطالب الدول المشاركة أثناء انعقاد جلسة الأمم المتحدة بنيويورك، وكان أهم ما جاء فيها أزمة اللاجئين والتي تمثل تحدياً كبيراً للدول، إلا أن الجلسة لم تظهر بشيء إيجابي حول القضية، على الرغم من أن أغلب المجتمعين رأوا أنه من الصعب تجاهل قضية اللاجئين الذين تنتظرهم قوارب الموت على الشواطئ، ففي خطاب أوباما عبّر الرئيس عن امتعاضه خلال انعقاد جلسة الأمم المتحدة قائلاً : «إن التاريخ لن يرحمنا إذا لم نقم بواجبنا تجاه اللاجئين».
ياسيادة الرئيس، ألا ترى أنه أصبح من الصعب أن نخشى التاريخ الذي لا عقل له والعقلاء لم يغيروا من مجراه شيئا، وما حصل في سوريا جمع بين الأضداد كل منهم يحارب فئة ضد الأخرى وفق مصالحه.
التاريخ يدوّن على صفحاته ما يقع على أرض الواقع، والعالم اليوم يشهد تفاصيل حرب مأساوية بالصوت والصورة.
لم يظهر للناس سيادة القانون الدولي وقواعده الحقوقية وتنظيم العلاقات بين الدول ومحاكمة مجرمي الحرب في سوريا والعراق؛ باستثناء قانون «جاستا» الذي أقره الكونجرس الأمريكي، ويحمل السماح بمقاضاة الدول التي تورط رعاياها في عمليات إرهابية داخل الولايات المتحدة الامريكية كأحداث11 سبتمبر ومطالبتها بتعويضات ضخمة في حال ثبوت تورطها.
لا شك أن هذا القانون أوجد صراعاً بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في الكونغرس لما فيه من استغلال لأسر الضحايا واستخدامهم كورقة رابحة تلعب بها ضد الحلفاء والدول الصديقة، فالسياسة الأمريكية تنشئ الديكتاتوريات ثم تعمل على تفكيكها، وهذا القانون يفشل خطط مكافحة الإرهاب، ويحقق نظرية الابتزاز وهي أشبه بثورة على دول الخليج العربي ومعاداتها لتمرير الشرعية للإرهاب الإيراني والإسرائيلي ضد الدول العربية.
إن هذا الاتهام يستهدف بالمطلق المملكة العربية السعودية وهي أكثر الدول المتضررة من إرهاب القاعدة وداعش ولازالت تتصدى له بكل قوة وعزم وتبطل عمليات كبيرة تستهدف رجال الأمن والمساجد.
الحقيقة أن التاريخ حمل في سجلاته تخاذل الدول العظمى ومساهمتها العسكرية في استمرار الحرب ضد شعب أعزل وأرض خصبة لمليشيات إيران الإرهابية فالطبيعة الإنسانية هي التي تحدد الحرب والسلام، إذ لا يوجد شيء أكبر من توجيه الاتهامات لدول لها أياد بيضاء في مساعدة الدول الفقيرة وتعمل من أجل إرساء قواعد الأمن والاستقرار في المنطقة، وفتحت أبوابها للاجئيين السوريين واليمنيين وأعدادهم التي تجاوزت 2.5 مليون لاجئ سوري ونصف مليون لاجيء يمني.
لا نستطيع القول إلا أن إرادة المجتمع الدولي قد شُلت أمام النظام السوري ونامت الضمائر وأصبحت سوريا وصمة عار في تاريخ الدول العظمى المتضادة في قراراتها ومصالحها، ولكن يظل التفاؤل محركا للحاضر والمستقبل حتى لو نبع من جوهر البؤس والصراع.