عبدالعزيز السماري
كثيراً ما أتساءل لماذا يشعلون الحروب في الأوطان، وعلى ماذا يتقاتل أبناء الوطن الواحد، وما هي المصلحة من أهدار الأرواح والأموال في اقتتال لا منتصر فيه، فالحروب ليس فيها نصر، لكن في نهايتها هزيمة للجميع، وخسارة لا تقدر بثمن للأوطان.
ومهما تشدق موقدو الحروب بالمبادئ، إلا أن الحروب في المجمل لا يمكن أن تكون خالصة لوجه الله، فالمال والسلطة غرائز عادة ما تختبئ في باطن المحرضين على الحرب، ولهذا فإن ما يحدث من اقتتال في اليمن أو وسوريا بين أبناء الوطن الواحد أساسه الرغبة في احتكار السلطة والثروات، وليس لها علاقة بالمبادئ أو الأخلاق أو المواقف السياسية.
الرابحون في الحرب هم تجار الأسلحة وممولو الدعم اللوجستي، بينما الخاسر الأكبر هم الشعوب وثروات الدول، وقد تضطر بعض الدول المسالمة في تاريخها كالمملكة إلي الدخول في حرب طاحنة، وذلك بسبب سياسة التحريض المشتعلة في المنطقة، وقد يطبل البعض لاستمرارها، لكن تعلمنا من التاريخ أن الحروب بين الأشقاء أكثر بشاعة وألماً.
لذلك هي دعوة لإنهاء الحروب في المنطقة، فقد أوصلت الأشقاء إلي مرحلة استنزاف بشري واقتصادي، ولا بديل عن التوقف للتفكير في كيف الخروج منها بسلام، وإنهاء حالة الحرب الذميمة بين الأشقاء، وكما قيل سابقاً مصيرنا واحد، فالإرتباط بين شعوب دول الجزيرة العربية وثيق، ولا يمكن أن تفرقه طائفية أو قبلية، ولا بديل عن التفكير في الخروج من دائرة الأيدولوجيا إلى الاقتصاد والتعاون التنموي المشترك.
نحن في المنطقة العربية ضحايا سذج للانفعالات السياسية والنعرات الطائفية، والتي أوصلتها إلى مرحلة الدمار، وقد نصل إلى الهلاك، وقد يأتي يوم في المستقبل نقف على الأطلال وننظر بأسف وندم إلى زمن الحرب المرير، والتي قد تكون سبباً لفناء ثرواتها البشرية والاقتصادية، وسبباً لارتفاع الوفيات بسبب الأمراض والأوبئة، وقبل ذلك عاملاً لخراب العقول.
أدرك جيداً صعوبة تجاوز المعطيات البشرية، أو أولئك الذين يفكرون في كثير من الأحيان بصورة في غاية الأنانية، ومثال ذلك سوريا، فالنظام السوري على استعداد أن يفني الشعب السوري مقابل أن لا يفرط في احتكاره للسلطة والثروة، وفي اليمن تبدو صورة الصراع بين الفئات على الحكم في غاية الوضوح.
وأدرك أيضاً أن منطق العقل يغيب عندما تحضر غريزة التملك والسلطة، ولذلك يبرز منطق القوة ليستولي على الحلول الممكنة، ولهذا يغيب السلام عندما تشتعل الغرائز، وتحضر المأساة عندما يصر البعض على عدم التنازل عما يعتقد أنه الحق وهكذا، بينما الحل في بادئ الأمر كان سهلاً، وهو قبول مراحل التغيير وعدم مواجهتها بالسلاح والغضب، ولكن بالتعليم والتقدم إلى الأمام، لكن قومي لا يعلمون.. والله ولي التوفيق.