عبدالحفيظ الشمري
أبرز ما يواجه منظومات العمل المروري لدينا هو ما يتعلق بمشكلات السير، ومسببات المخالفة المرورية، والتنظيم المرتبك لبعض المسارات والطرق، وعدم اكتمال البنية الأساسية للعبور الآمن على الأرصفة.. تلك التي تتحول مع الزمن إلى تحديات دائمة، ومشاكل يصعب حلها. لأن الأنظمة التي تعالج هذه المشاكل تحتاج إلى جهد مضاعف، وتأسيس قوي؛ يسهم في خلق بيئة مرورية متكاملة تحقق الأهداف والتطلعات.
وحينما ننظر إلى هذه الأنظمة نجد أن صياغتها ومفاهيمها تبدو قديمة، إلا أنها تخضع للتعديل والتطوير، وربما هذه هي مشكلة المرور التي لا تزال قائمة، فحسب الدراسات التنظيمية والهندسية والبيئية حوله فإن نظام التحديث للضوابط ليس جذرياً وفاعلاً. أضف إلى ذلك أن هناك عاملاً نفسياً قائماً يتمثل في أن السائقين لا يزالون ينظرون إلى هذا الجهاز الأمني وكأنه في حالة مواجهة للناس، فلا هو يتقن العمل المروري ويطبقه بشكل منتظم، وبفاعلية مناسبة، ولا المجتمع مقتنع بأدائه.
ومن هنا بدأت منظومات وإدارات العمل المروري بتعديل الرؤية، وتفعيلها لكي تتبدل النظرة بإيجابية إليه، وذلك من خلال جملة من الأعمال؛ تتمثل بتقديم التوعية، والتثقيف المروري خدمة للمجتمع وتحسين للأداء..
فحملات «التثقيف المروري».. هل هي وسيلة أم غاية للجهات المعنية بأمر المرور والسير والأنظمة؟ فإن كانت وسيلة من وسائل بناء المجتمع وتوعيته وبناء قدراته وتوسيع مداركه في صيانة الطرق والشوارع والأرصفة وحقوق الناس والمرور فهذا حسن ولا غبار عليه، أما إن كان التثقيف غاية محدودة التوجه وحالة آنية، وعملاً مناسباتياً؛ فإنها ستظل مجرد جهد قد لا يحالفه التوفيق في مواقف كثيرة.
فالمشروع المروري لا شك أنه نظام حضاري، وقواعد عالمية موحدة، وقبل هذا وذاك عرف بأنه «ذوق وفن» أي أنه رؤية وعي في القيادة السليمة، وأسلوب يتطلب من السائق أن ينتبه إليه، أي أن الأخلاق الفاضلة، واحترام القواعد، وتطبيق الأنظمة يجب أن تسود، وأن يحترم النظام المروري، والطريق، والسائقين، والمشاة في كل الجهات..
فعبارة «فن وذوق» استخدمت في عالمنا العربي كثيراً، بل استهلكت وباتت من قبيل (سلامتك.. سلامتك، نود لك سلامتك) و(أسبوع المرور) الذي كان يأتي قبل أناشيد (أسبوع الشجرة)، وبعد (أسبوع النظافة).. وما إلى تلك الحملات التي ربما مع الوقت؛ وبعد هذا التراكم الزمني تحولت إلى غاية لبعض الجهات، لتنفذ من هذا القبيل، ومن ثم «تعود حليمة إلى عادتها القديمة» كما تقول العرب.