د. عبدالرحمن محمد السلطان
نعاني في مدينة الرياض من ندرة في الأماكن المناسبة لممارسة رياضة المشي وهي رياضة نحن في أمس الحاجة إليها في مجتمعنا في ظل الارتفاع المزمن في حالات الإصابة بالسكري وغيرها من الأمراض المرتبطة بقلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة. وهناك أعباء مالية كبيرة ستترتب على الدولة بسبب ارتفاع تكلفة الخدمات الصحية إن لم ننجح في تغيير أسلوب حياتنا بصورة تعيد معدلات الإصابة في المملكة إلى معدلاتها العالمية.
وقد كان من بين أفضل الأماكن التي قامت أمانة مدينة الرياض مشكورة بتطويرها لممارسة هذه الرياضة حديقة حي الحمرا، إلا أن المفاجأة أن الأمانة قررت إحاطتها بسور حديدي وإغلاقها معظم اليوم فلا تفتح الحديقة أبوبها إلا ما بين الرابعة عصرًا والحادية عشرة والنصف مساء. في حين أن الرصيف المحيط بالحديقة ضيق جدًا وتتخلله عوائق كثيرة بما في ذلك لوحات دعائية وضعتها الأمانة في وسط الرصيف تغلقه تمامًا وتجعله غير مناسب للمشي إطلاقًا.
ويوميًا ترى الكثيرين مستمتعين بممارسة رياضة المشي في الصباح الباكر في هذه الحديقة بعد صلاة الفجر مباشرة وحتى ساعات متأخرة من الصباح، ومن المؤكد أن هذه الإعداد كانت ستتزايد مع تحسن الجو في الفترة القادمة، ما يجعل قيام الأمانة الآن بإغلاق الحديقة في الفترة الصباحية يقلل من جدواها. وقرار الأمانة بإغلاق الحديقة ليلاً قرار سليم ومطلوب جدًا والجميع يؤيده، لكن أن تظل الحديقة مغلقة إلى عصر اليوم التالي فلا مبرر له على الإطلاق ويحرم الكثيرين من الاستفادة من الحديقة في ممارسة الرياضة، فالحديقة يجب أن تكون متاحة ومفتوحة للعموم بعد صلاة الفجر مباشرة لا أن تغلق معظم النهار.
والحقيقة أن استسهال الأمانة لإغلاق الحديقة معظم اليوم كحل لمشكلة واجهتها ظاهرة نراها تتكرر كثيرًا من قبل الأجهزة الخدمية فهي تبحث عن الحل الأسهل ولا تكلف نفسها بالبحث عن الحل الأنسب. فالحزم والعقوبات الرادعة بحق المخالفين كفيل بثنيهم عن أي سلوك غير لائق ولا مقبول، وما يجرئهم على المخالفة هو غياب العقوبات الرادعة. وأذكر قبل أكثر من عشر سنوات وعندما انتشر فيديو لتعرض سيدة للمضايقة أثناء ممارستها رياضة المشي في حديقة شارع النهضة بالرياض أن الجهات الأمنية نجحت في الوصول إلى المعتدين بسرعة وصدرت بحقهم أحكام بالسجن وصلت إلى 16 عامًا، وربما ظن البعض في ذلك الوقت أنها أحكام قاسية لكنها كانت مناسبة جدًا ردعت كل من تسول له نفسه التعدي على حريات الآخرين، بحيث لم نسمع بعدها أن سيدة أخرى تعرضت لمضايقة في تلك الحديقة. من ثم ليس من المناسب أن يعاقب الجهاز الخدمي الأغلبية بجريرة قلة فيحرمهم من الاستفادة من الحديقة، وهذه القلة هي من يجب أن تجازى ويوقع بها أقسى العقوبات الرادعة، مع إعلان ما يوقع عليهم من عقوبات للجميع، ليكونوا عظة وعبرة لكل من تسول له نفسه التعدي على الآخرين وعدم احترام الآداب العامة.