مها محمد الشريف
يدرك العالم أجمع أن شبكة الإنترنت تلعب دوراً بارزاً في تكريس الأفكار المتطرفة ونشر الإرهاب والتغرير بالشباب، إذ استطاعت الجماعات المتطرفة أن تستغل وسائل التواصل الاجتماعي لبلورة فكر سوداوي جديد، استقطبت من خلاله آلاف العناصر الجديدة من كافة أنحاء العالم ورتبت لعمليات إرهابية بتكتيك مختلف وأدوات جديدة، وهذا ما جعل العالم يتأهب لحرب إلكترونية شرسة قد تكون أكثر فتكاً وأشد ضراوة من أسلحة الحرب المستخدمة في الحروب التقليدية.
إن الحرب الإلكترونية الجديدة لا تحتاج إلى شركات الأسلحة العالمية؛ بقدر ما تحتاج إلى الشركات الشهيرة في مجالات التقنية والإنترنت ومحركات البحث وقواعد البيانات، وهذا ما أدركته مؤخراً شركة غوغل، إذ قام محرك البحث التابع لها باتباع تقنية تحول المستخدمين الذين يبحثون عن كلمات لها علاقة بتنظيم داعش الإرهابي إلى محتويات أخرى تحارب التشدد، وركز غوغل على كلمات معينة، ما أن يكتبها المستخدم حتى يحوله إلى مقاطع فيديو على يوتيوب تحارب العصابات الإرهابية، وتتضمن هذه الكلمات، أسماء وكالات الأنباء التابعة للجماعات المتطرفة، بالإضافة إلى شعارات تلك التنظيمات وأسماء الأماكن التي يتجمع فيها مجرموها في المدن التي يسيطرون عليها، ونجحت هذه الحملة الإلكترونية في الوصول إلى320 ألف مستخدم خلال ثمانية أسابيع، إذ غطت كلمات قد تكون مرتبطة بالعصابة الإرهابية، وصل عددها إلى ألف كلمة وفق ما نقلته وكالة رويترز.
ندرك بأن هذه البادرة من غوغل جاءت متأخرة ولكن على رأي المثل الأمريكي «أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً»، لذا لا بد أن نقدّر مثل هذه المبادرات؛ متمنين من جميع الشركات المماثلة أن تحذو حذوها لمكافحة هذا الداء الخطير، إذ إن تلك الشركات تملك أدوات المواجهة وخيوط اللعبة الإلكترونية التي ذهب ضحيتها الآلاف، وهذا ما تنبهت له الكثير من الدول وأدركت خطورته مبكراً، إذ أعلنت الحكومة البريطانية قبل ست سنوات عن إستراتيجية جديدة للأمن الوطني تضع الإرهاب الإلكتروني وهجمات الإنترنت على رأس الأخطار التي تهدد أمن بريطانيا، كما أن السعودية تصدت لتلك الحرب من خلال الكثير من الحملات الإلكترونية المنظمة ومنها حملة السكينة الذراع الإلكترونية الرسمية لوزارة الشؤون الإسلامية في مجال الحرب الإلكترونية على الإرهاب، إذ تقوم بالحوار الإلكتروني مع أصحاب الفكر المتطرف وتتبع بعض المعرفات والحسابات المشبوهة والسعي لإيقافها والحد من خطورتها، وهذا الدور الذي تقوم به تلك الحملات الإلكترونية لمكافحة التطرف والإرهاب لا يعفينا من المساهمة في تلك الحرب التي لا تتطلب منا سوى الـ «كيبورد»، فضلاً عن فكر منير يحارب الظلام ويحاول القضاء على ثقافة العنف والقتل.