سامى اليوسف
على عكس المتوقع، أخذت مساحة القلق تزداد لدى جمهور نادي الهلال، فالمخاوف تكبر في المدرج الأزرق وبات المتتبع لرسائل الجمهور في مواقع التواصل الاجتماعي يلحظ حجمها مع تناقص حاد في نسبة الثقة في عمل إدارة الأمير نواف بن سعد، التي سجلت بدايات عمله كرئيس مؤشرات واضحة من التفاؤل. المدرج الهلالي يمتاز بالحكمة، والحرص على مكتسبات «الزعامة» خاصة فيما يتعلق بالفريق الكروي الأول، واجهة النادي والكرة السعودية، وليس من السهولة بمكان استغفال هذا المدرج، أو الالتفاف عليه بتغليب مصالح فردية، أو تقديمها على مصلحة النادي، ذلك أن رواده يرفعون شعار «الهلال أولاً» دومًا، مهما بلغت قيمة الأشخاص، أو ما يقدمونه. القلق هو شعور طبيعي في حالات معينة، فالخوف من أمر ما يولد القلق حتى تجاوز الأمر بسلام، ولكن إذا تكرر هذا القلق في فترات زمنية متقاربة، وبصورة حادة، فإنه يتحول إلى مشكلة تستوجب علاجًا. يجدر بنا أن نتساءل: لماذا تبدل الحال في المدرج الهلالي، وتحول التفاؤل إلى حالة من القلق بالرغم من عدم تغير إدارة الأمير نواف بن سعد، وللإجابة على هذا السؤال، وضعت سبعة أسباب رصدتها كانت كفيلة في انقلاب حالة الرضا إلى خوف، ثم قلق، وأخشى أن تتحول إلى أزمة ثقة إن لم يتدارك الوضع، ويعمل الرئيس على معالجة الأسباب السبعة، وهي:
غياب أو ابتعاد الرئيس: فاجأ الأمير نواف بن سعد الجماهير الهلالية بغيابه عن المشهد مع انطلاقة الموسم، وعلى الرغم من فترة التوقف الأولى الطويلة إلا أن هذا الغياب استمر في وقت لم تستقر الأمور الفنية والإدارية المحيطة بالفريق إلى حد الثبات، والفريق بمدربه وأجانبه لم يسجلوا تلك البداية القوية التي ينشدها ويتوقعها كل هلالي غيور، أو يقتنع بها. الرئيس بغيابه المفاجئ أعاد خطأ من سبقه عندما ترك الفريق في عز معمعة الدوري تاركًا المدرب سامي الجابر آنذاك لوحده في الواجهة يتحمل عبء المسؤولية.
اختيار ونوعية المدربين: لم تنجح الإدارة في الموسمين الماضي والحالي في اختيار المدرب الذي يرقى إلى طموحات الجماهير، أو مستوى زعيم الأندية السعودية والآسيوية، بل إن طريقة التعاقد مع المدربين لم يقابلها المدرج الهلالي بشيء من الاقتناع، وشكك في عدم احترافيتها، وزادت مساحة الشكوك مع بداية الموسم الحالي حيث سجل النقاد والجمهور عدة ملاحظات على طريقة تعامل المدرب السابق مع المباريات وخصومه، وكذلك حول شخصيته واستقلالية رأيه.
تعامل الإدارة مع اللاعبين: حالة من الارتباك رصدتها الجماهير خاصة مع تعارض وتناقض المواقف أو القرارات مع التصريحات لدى الإدارة في تعاملها مع اللاعبين سواء الصاعدين أو الكبار، على سبيل المثال: خروج الثنائي الشريد والقحطاني، وتضارب الأقوال حول إعارة عطيف، ثم الموقف غير الشفاف من العرض الإماراتي للفرج والبرازيلي ادواردو، والتجديد مع كريري ثم توقيع مخالصة مفاجئة معه، وقبل هذا وذاك.. التعامل المتناقض مع الحارس شراحيلي، وبالمثل في التفاوض مع العويس، وعدم الجرأة في التعامل مع اللاعبين الكبار الذين تقلصت حظوظ مشاركتهم الأساسية مع الفريق ونعني الثلاثي عزوز وياسر والشلهوب، مع ملاحظة الفشل في تسويق عقد الميدا.
الإصابات: رسمت إصابات اللاعبين، وتأخر تأهيل بعض العناصر الأساسية علامات استفهام مثيرة للقلق في محيط المدرج، فالأسماء المهمة والمؤثرة بما فيها الأجانب دخلت في نفق الإصابة، والضرر وقع بشكل أكبر على الفريق بعدم تعويض الغائبين..
بعد إلغاء عقد المدرب.. سجلت الإدارة تأخرًا واضحًا وخاطئًا (حتى اللحظة) في حسم ملف البديل بشكل يحفظ لها ثقة المدرج، وللفريق توازنه، وخصوصًا أن الرئيس - طبقًا لحديثه المتلفز - سجل ملاحظاته على طريقة تعامل المدرب وتوصل إلى قناعة بعدم جدوى استمراره، وهنا نتساءل عن استقراء المستقبل واستشعاره، وهذه ميزة الإدارة الناجحة التي تسارع إلى توفير البديل في وقت يُحسب لها!
وخصوصًا أن بعض المدربين المعروفين الذين تم التفاوض معهم ذهبوا لأندية محلية وخليجية بجهود ومراحل تفاوضية أقصر ولكنها فعّالة وحاسمة.
إدارة الفريق: اتفق المدرج في غالبيته، ومعه الإعلام المقرّب على إخفاق إدارة الفريق في القيام بأدوارها، وسجل البعض ضعفها أمام سطوة النجوم وشعبيتهم، وفي النقاش أو محاسبة الجهاز الفني حول أخطائه.. الغريب أن عدد من المدربين جاؤوا ثم رحلوا وإدارة الفريق ثابتة لم تتغير على الرغم من تغير إدارة النادي أيضًا! ويسجل المدرج حالتيّ إغلاق التدريبات، وطول فترة الإجازات للاعبين كأبرز الملاحظات على عمل الادارة.
غياب الصوت الشرفي: الإدارة المركزية لا تمنح الصلاحيات، والإدارة الاقصائية هي من تبعد وتغيب أصوات المعارضين أو المنتقدين، فهل أصبح الهلال يعاني من هكذا إدارة؟، الواقع يقول إن صوت الشرفيين غير مسموع، وتأثيرهم بات محدودًا، ففي السابق كان الشرفيون يمثلون عين الرقيب والآن لا صوت ولا عيون.
كما أن الصلاحيات جميعها بيد الرئيس والأعضاء الحاليين لا يملكون مساحة من الصلاحيات تخولهم الاضطلاع بمسؤوليات ترقى إلى صناعة القرار أو المشاركة المؤثرة فيه، وهنا تكرار لسيناريو سابق رفضه الهلاليون جميعًا. كل الأسباب السبعة أعلاه تثير القلق في محيط المدرج الهلالي حول مستقبل الفريق الذي بات غامضًا، والمخاوف تزداد إلى حد القلق الأكبر في ابتعاد متكرر عن حصد لقب الدوري، وإخفاق متكرر أيضًا في البطولة الآسيوية، ما لم تتدارك الإدارة برئاسة الأمير نواف بن سعد التي ما زالت تحظى بالثقة المطلوبة من الهلاليين الأوفياء الوضع، وتعالج مكامن الخلل، وتصحيح المسار لكي يعود الهلال إلى سابق عهده.
أخيـراً
مواجهة أستراليا هذا المساء هي بمنزلة المواجهة المفصلية، أو مفترق الطرق بعد مواجهتين مهمتين، ولكن بدرجة أقل من الناحية الفنية، أمام تايلاند والعراق حصدنا من ورائهما العلامة الكاملة، من المهم ألا نخسر الليلة، وإن شاء الله بفضل منه، ثم دعم جمهور الأخضر في جدة، وعزيمة الصقور سنبارك لأنفسنا وللوطن بنتيجة إيجابية تعزز من موقفنا في المجموعة، وتعطينا الدافع الأكبر لمواصلة المشوار نحو بلوغ مونديال روسيا.