سعود عبدالعزيز الجنيدل
هل يلزم على المرء إعطاء أمر ما حقه من الوقت والجهد؟ أم يكفي القبول بالأمر دونما بذل ما يستحقه من وقت وإعمال ذهن؟ ولو كان المرء يدرك سلفا عدم مقدرته إعطاء الأمر حقه، فهل يقبل بالأمر أو يرفضه؟.
في حقيقة الأمر رأيت أجوبة هذه الأسئلة واضحة عند صديق عزيز علي... فهو يرى أن «إعطاء الأمر حقه» قاعدة حقيقية حري بكل شخص تطبيقها في حياته، وسيجني ثمارها.
رأيت هذا الصديق يرفض مناصب عديدة، لكونه لا يستطيع إعطائها حقها، وعندما أسأله عن سبب رفضه لها، فيقول لا أملك الوقت والجهد لإعطائها حقها.
هذا المبدأ وإن بدا غريبا قليلا إلا أنه يستحق التقدير والإعجاب، وقد قرأت قديما -كما أذكر- أن الدكتور الغذامي اعتذر عن عضوية له في مجلس الشورى والسبب في ذلك هو هذا المبدأ.
ولو تعمقنا كثيرا في هذا المبدأ لرأينا أن ديننا الإسلامي قد حثنا عليه:
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه». أخرجه أبو يعلى والطبراني، وقد صححه الألباني.
وشرط العمل كما يوضح الحديث الشريف هو الإتقان، الذي يدخل تحته أمور عديدة، ومنها إعطاء العمل حقه من الجهد والوقت، ولا يمكن بحال من الأحوال القبول بعمل ما دون إتقانه، وهذا ما حثنا عليه الدين الإسلامي.
إذاً لا بد علينا من إتقان الأعمال التي نقبلها، وهذا من شأنه أن يجعل هذه الأعمال تتم بأحسن حال.
ولو عرف المرء نفسه غير قادر على هذا العمل، فليتركه لمن يستطيع، ويضرب الخليل بن أحمد مثالا على هذا، في هذه القصة التي تروى في كتب الأدب:
يذكر أن أحد الأعراب، لازم الخليل بن أحمد الفراهيدي ليتعلّم منه العروض، ومع شدة ملازمته للفراهيدي إلا أنه عجز عن أن يتعلّم العروض.. فأصابه من ذلك اكتئاب شديد..!!
فطلب منه الخليل بن أحمد أن يقطع هذا البيت:
إذا لم تستطع شيئا فدعه
وجاوزه إلى ما تستطيع
ولم يستطع الإعرابي تقطيع البيت، لكنه فهم النقطة التي يريد توصيلها الخليل إليه، فترك هذا العلم.
وهذا مهم جدا فيجب على كل شخص مقبل على أمر أن يتقنه بإعطائه حقه من الوقت والجهد، وإذا عجز عن ذلك فليدعه ويبحث عن أمر آخر.
أخيراً
أنت أعلم الناس بنفسك، وأقدر الناس على فهمها، فاكتشف مقدرتك، ووظفها توظيفا صحيحا، وابحث عن أمر تحبه وتستطيع إتقانه، ولا تكن نظرتك فقط متعلقة بالمنصب والوجاهة، فأنت ستسأل عن صنيعك وعملك.