د.عبدالعزيز الجار الله
أي مشروع ضخم تنفذه الدولة يُنظر إليه من زاوية محدودة وهي الفائدة الأولى، وهذا السلوك العام في النظرة للمشروعات يجعلنا كمجتمع غير مهتمين للنتائج الأخرى في المشروعات الخدمية مثل الطرق.
طريق القصيم - مكة المكرمة الذي يختصر لمنطقة القصيم أكثر من (400) كم من الطريق السريع القصيم - المدينة المنورة، ويختصر المسافة كثيراً ما بين (جنوب القصيم وشرقي المدينة المنورة وشمال غرب منطقة الرياض وشمال شرقي مكة المكرمة) وبين المشاعر المقدسة في مكة العديد من الكيلومترات القليلة نسبياً، يجعلها داخل شبكة محيطها غرب الرياض وجنوب القصيم وشرقي المدينة المنورة وشمال شرقي مكة ضمن دائرة صغيرة جدا من حيث المسافة الخدمات.
هذه الخدمة ليست الوحيدة فإنها ستكشف لنا بيئات جديدة وموارد اقتصادية جديدة لم تكن مطروحة من قبل لأن طريق مكة القصيم يخترق تجمعا للحرات الكبيرة.
الحرات هي حمم الصخور البركانية المنصهرة على شكل فوهات بركانية، تبلغ مساحة الحرات في المملكة حوالي (90) ألف كيلو متر مربع نحو 4.6 بالمائة من المساحة، وأكبر مساحة في الحرات هي حرة رهاط مساحتها (20) ألف كيلو متر مربع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة وحرة خَيْبَر وحرة كشب وحرة ثنان وحرة الكورة وحرة حضن، وهذه الحرات تعد من أكبر الحرات بالمملكة بعضها يمر بطريق القصيم مكة المكرمة، إضافة إلى حرات: الحرة ونواصف والرحل، عويرض، البرك والشاقة والسراة.
وتدخل صخور الحرات (اللابة) في كثير من الصناعات: الأحجار الكريمة والإسمنت والإسفلت والمواد اللاصقة وغيرها من الصناعات، إلى جانب القيمة السياحية إذا استُثمرت سياحيا ستكون من مناطق الجذب السياحي لما تتمتع به من مشاهد طبيعية تأسر المشاهد وتحقق أرباحا مالية عالية.
مثل هذه المشروعات الضخمة سيكشف لنا بيئات الحرات التي لا يوجد مثيل لها إلا على طول الهضاب الواقعة شرقي المرتفعات الغربية جبال مدين والحجاز والسروات.
تأخير أي مشروع أو إطالة مدة التنفيذ يجعلنا نخسر كثيراً من الاستثمارات، وطريق القصيم - مكة المكرمة الذي تأخر كثير رغم أنها رصدت أمواله أكثر من (5) مليار ريال قبل سنوات إلا أن التنفيذ شبه متوقف أو يسير ببطءٍ -يجعلنا- نفقد كثيراً من الاستثمار والفرص التي قد تكون رافداً أساسياً للتحول الوطني 2020والرؤية السعودية 2030 والتوجه الجديد الذي يبحث في تنويع الدخل والاستثمار والتفكير فيما بعد النفط، فالهضاب الوسطى تضم في مكنونها ومحتواها العديد من المعادن الصلبة والثمينة بكميات اقتصادية وعائد مالي يقدر بالمليارات.