ناصر الصِرامي
لفت انتباهنا «الكاتم» السعودي، كما يعرف هو عن نفسه على تويتر!، وأقصد زميلنا «الكاتب» والأديب محمد علوان -حفظه الله - إلى نشر أحد الصحف المحلية ،في الصفحة الأولى، موضوعاً وتحقيقا مفصلاً بالداخل، واستخدمت فيه أحدث الانفوجرافك والتقنيات، بعنوان: «(التواصل الاجتماعي ) منصة للمغرضين ..!»، ثم علّق « كاتمنا»، العزيز(.. هكذا..كل الذين يدافعون عن الوطن لا قيمة لهم ،أيعقل ذلك..؟!.
ندرك التخوف والتحذير في عالم مختلط ومنفتح ومعقد أيضا على هذه التطبيقات. وندرك أيضاً التحديات الأمنية والاجتماعية، وحتى السياسية، بل وكذلك الجدل الاقتصادي...الخ, ولكن ندرك أيضا هذا العنوان، وتعميمه الفج، وإيحاءته الخاطئة أيضا..!
يقول التقرير أو التحقيق، إن هناك تسعون تغريدة في الدقيقة تستهدف أمن المملكة، واللحمة الوطنية، والنسيج المجتمعي، وأكثر من عشرة آلاف حساب في تويتر لإحباط المجتمع السعودي وتشتيت صفوفه، بمعدل 6000 حساب عبر تويتر موجهة ضد المملكة لزرع الفتن داخل المجتمع وبث الشائعات، و4000 حساب آخر خصص لإعادة نشر تلك التغريدات.
ورغم صعوبة كشف حقيقة هذه الأرقام إلا أنها تعد أيضا (عادية) ولا تتوافق مع العنوان الكاتم للصوت!. بل متواضعة مقابل عدد التغريدات بالجملة التي يحملها تويتر -كمثال- في الدقيقة أو الساعة أو اليوم، بل وحتى مقارنة هذا العدد بعدد الحسابات من داخل السعودية، أو المنطقة، والتي تدافع أو تنتقد بموضوعية في الرياضة والسياسة والاقتصاد والمسائل الاجتماعية، ناهيك عن حسابات الترفيه والرياضة والثقافة والتاريخ والشعر والصحة ...الخ..الخ..
أمامي دراسة تضع السعودية في مرتبة المستخدمين رقم (1) على منصة تويتر عربياً وإقليميا، وإن التغريدات من السعودية تتجاوز 200 مليون شهريا..وإنّ السعوديين يثرون المحتوى العربي بتغريداتهم بشكل رفع المحتوى -العربي- إلى أرقام غير مسبوقة!
صحيح أن الشائعات والأرجاف قصة قديمة لا علاقة لها بالتقنية، لكن التطبيقات تعمل على نشرها بشكل أسرع، وتظهرها أكثر من أي وقت مضى.. وطبعا لا أحد يمكن أن ينكر أن هناك استخدام سياسي لأهداف سياسية وأمنية وإقليمية لهذه الشائعات كجزء مستمر من الحرب النفسية بين الدول أو الجماعات أو حتى أصحاب المذاهب الضيقة.. وهو أمر انتقل لمنصات التواصل الحديثة!.
كما أن كل بلد مسئول طبعا بمواطنيه عن مواجهة أي محاولات في تمزيق النسيج الوطني والاخلال به، سواء بتطبيقات أو دونها، لكن ذلك يجب أن لا يلغي أضعافاً مضاعفة بكثير من تلك الأرقام والتي تقوم بدور مواجه للدفاع عن البلاد..الوطن..دون برمجة مسبقة..لكنها تقوم به إحساس وطني يتجاوز كل الجدل السياسي!.
لكن لنتذكر كما في عنوان الصحيفة، إننا نمارس الظنون أحيانا، ونقضي على الإيجابيات التي كان الأجدر إبرازها. كما يبدو مهماً في الوقت ذاته أن لا نتجاهل كل التحولات التي أمامنا، ونتجاهل لغة وأدوات جيل كامل، لن ينفعنا إطلاقا التشكيك فيما يملكون، صحيح إن التنبيه مهم، لكن التعميم خطيئة أكبر.
كل ما يهم جيل اليوم بكل وسائل تواصله وأدواته.. يهمه طبيعة المحتوى الذي أمامه وعلاقته وتفاعله مع المحتوى، تلقى المزيد والمزيد من المعلومات من حوله وعن واقعة..فالرسائل التحذيرية والخطابية ناقصة ولا قيمة لها.. القيمة في الحضور والتفاعل والتحدي أيضا..تقديم معلومات تحترم عقله ووعيه بالعالم اليوم...!
التعامل مع حرب المعلومات يتطلب أمرا بسيطاً، إلا وهو سرعة الإفصاح عن الحقائق أو بعضها، ونشرها وشرحها وتوضيحها، والشفافية في التعامل مع الرأي العام. نعم الثغرات المعرفية والمعلوماتية والصمت والضبابية.. فرصة متاحة ليس للعدوان الحاقد فقط.. بل أرض الشائعات الخصبة..مهما بلغت التحذيرات والتخويف والتشكيك...!