«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
عندما كنا أطفالاً كنا نصحب آباءنا لعين نجم أقدم منتجع في المملكة، وكانت تثير دهشتنا ونحن صغار مشاهد قبابها ولونها الأبيض المشع بالنور حيث تسقط على جدرانها أشعة الشمس لتزيد من نوره.. وما زلت أذكر كيف كنا نستحم داخل بركتها ذات القبة الدائرية ونوافذها التي يدخل منها النور ليضفي نوعاً من الإضاءة الجميلة في المكان وسط صوت المستحمين والمتمددين حول حوض بركة الماء والتي تلسع حرارتها من يستحم فيها، لكنه سرعان ما يتعود على حرارتها.كانت وفود من الناس تتردد عليها من داخل المملكة ومن الخارج وعلى الأخص دول الخليج المجاورة، بل إن هناك مشاهير قدموا إليها.. وخيموا في رحابها لعدة أيام كما فعل المؤسس - طيب الله ثراه - وكان كبار مدراء شركة أرامكو الراحلون وغيرهم ترددوا عليها.. وكان يلتصق بالعين مركب (سواني) يرفع الماء من العين والذي كان ينساب خارجاً منها ليصب في حوض عميق مساوٍ لعمق العين نفسها وتحيطها البساتين والأشجار المختلفة.. وأدى تهافت الناس على العين والاستحمام فيها ناشدين الصحة والعافية لما اشتهرت به من مياه كبريتية تساعد على الشفاء من الآلام الروماتزمية والجلدية خصوصاً لكبار السن.. وقبل عقود تمت عملية تطوير وبناء مرافق لهذه العين الشهيرة.. لكن في السنوات الأخيرة ومع تراجع منسوب المياه ككل في الأحساء تأثر تدفق مياهها.. وباتت شبه مهجورة حتى المنتزه التي تقع فيه بات يعاني ما يعاني. نعود لفكرة هذه الإطلالة لهذا اليوم والتي تُعنى بالإشارة إلى (أهمية العلاج بالمياه) كونها باتت إحدى المحطات العلاجية في مختلف دول العالم لذلك انتشرت النوادي والمراكز ومنتجعات الصحة والجمال، حيث أصبح بإمكان الراغبين رجالاً أو نساءً الانضمام إليها واستعمال أحواض السباحة فيها وغرف السونا.؟! وهكذا نجد أن المعالجة بالماء باتت أقرب للناس وفي كل مكان، وبالطبع هذه الأندية والمراكز الانضمام فيها والاشتراك في برامجها وما تقدمه من خدمات بأسعار تتفاوت حسب نوعية ما تقدمه، فهناك أقسام للرجال وأخرى للنساء.. وبعض الفنادق التي تتيح لك الظروف السكن فيها تقدم ذلك مجاناً.. وتتوفر فيها غرف البخار أو السونا التي يتم فيها استعمال الحرارة لزيادة الدورة الدموية وتنظيف الجلد والشعور بالاسترخاء واختيار السونا الجاف أو الرطب هو مسألة تعود للتفضيل الشخصي..؟! لكنها تضيف القيمة على فاتورة الإقامة اللهم إلا لمن لديه بطاقة اشتراك سنويةأو فصلية.. وبعض المراكز المتقدمة تقدم أنواع معالجات مائية تُعرف باسم «هيدر تيرابي باث» أو حمام العلاج المائي حيث تتناوب رشاشات مائية سفلية في تنشيط وتقوية الجلد وتأثير الرشاشات على الجسم تزيد من تصفية السموم، إضافة إلى استعمال النباتات البحرية لعلاج بعض المشاكل.. وفي العقود الأخيرة انتشرت في مدن المملكة مراكز الحمامات المغربية والتي هي الأخرى تحظى بإقبال كبير من قِبل عشاقها.
وماذا بعد: يُفضل لمن يرغب في الاستفادة من خدمات المعالجة بالمياه التأكد من أن المراكز وأحواض الاستحمام تتمتع بدرجة كبيرة من النظافة والمراقبة من قِبل المختصين ولا تكون تحت إشراف عمالة كسولة ولا مبالية، وبالتالي لا تهتم بالعملية الصحية فكثير من أحواض وبرك المياه التي لا يتم تغييرها بين فترة وأخرى أو عدم وجود أجهزة تراقب درجة نقاء مياهها وخلوها من الفطريات أو مواد ملوثة قد تتسبب في نقل العدوى من المترددين المرضى وعلى الأخص من يعاني من أمراض جلدية وفطرية وهي كثيرة - لا سمح الله -.. فالوعي بأهمية نظافة المراكز والحمامات مهم جداً. بل مطلب لا شخصي فقط وإنما يشمل الجميع.