رقية سليمان الهويريني
لا أفضّل عبارة (هروب الفتاتين) التي استخدمها الخائضون في قضية الفتاتين اللتين تحايلتا بالسفر لكوريا بدون موافقة أسرتيهما! كما لا أحبذ تحميل عائلتيهما دوافع السفر المفاجئ! لأنه بدا من تواصل الفتاتين مع والديهما ألا ثمة مشكلة أسرية أو نفسية خلف تصرفهما! كما لا يمكن التسليم بمسؤولية المحطات الفضائية بعرضها للأفلام الكورية التي تجمّل شكل المجتمع هناك، فهو بالفعل جميل.
والحق أن تحايل بعض الفتيات بالسفر من المملكة وطلبهن البقاء خارجها له أسباب عديدة أحدها الوضع الاجتماعي الخانق الذي تعانيه المرأة السعودية بالتحديد! وقد تم مناقشته في عدة مقالات كتبتها عبر زاوية (المنشود) في صحيفة الجزيرة، وتطرق لها عدة كتّاب وكاتبات وإعلاميين في مختلف الوسائل الإعلامية، وتم التحذير من نتائج التصرفات التي تمارسها بعض الفتيات للتخلص من القيود الاجتماعية المفروضة تحت مسميات شرعية غير صحيحة وأعراف وعادات اجتماعية هي بالواقع تمثِّل إعاقات حضارية!
إن تنامي النظرة الدونية للمرأة عند بعض الفئات، وفرض الوصاية القاهرة عليها يشكِّل تناقضاً شديداً في ظل ما حصلت عليه المرأة من فرص تعليمية داخلية وخارجية ووصول كثيرات لمراكز وظيفية عالية المستوى وتسنّم بعضهن مناصب إدارية واستشارية رفيعة!
ورغم ما تعيشه بلادنا من تقدمٍ علمي وثورة معلوماتية نال منها الجميع القدر المتساوي، وأثبتت فيها المرأة تفوقاً على نظيرها الرجل؛ إلا أنها ما زالت ترزح تحت قيود الولاية المطلقة التي لا تفرِّق بين المرأة الراشدة وتلك القاصرة، حتى جعلت من الرجل التافه أحياناً ولياً على امرأة رزينة مما يشعرها بالدونية ويدعوها للرفض والتمرد!
وفي حين يتسامح المجتمع مع خروج وسفر حدثٍ صغيرٍ من البلاد دون موافقة أسرته، لينضمَّ لمواطِن الفتن فيتحول لإرهابي يقتل ويفجّر، إلا أنه يرى سفر فتاة سلمياً للدراسة أو للانعتاق من قيود اجتماعية هروباً ومروقاً، فتقوم الدنيا ولا تقعد وتحمّل أسرتها المسؤولية!
ولو تم إعادة النظر بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية في وضع المرأة وتخفيف القيود الاجتماعية عليها؛ لكان في ذلك مجالٌ للتفاهم بين الفتاة وأسرتها فلا تلجأ لنهج أساليب وحيل لا تليق بها كمسلمة بسبب شعورها بالدونية!