د.محمد بن سعد الشويعر
{وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} في هذه الآية الكريمة أمور عجيبة وأسرار كثيرة في أسباب الرزق التي نراها ظاهرة في الأرض، من اجتهاد وكد للإنسان وغير الإِنسان.
وينتظر من هذا الكد الرزق، فالإنسان دائمًا ينظر إلى السماء رافعًا رأسه، ويدعو خالق الكون ليستعطفه حتى يرزقه ما قسم له من الخير، الذي كتبه الله له قبل ولادته وقبل أن يخلق الدنيا ومن عليها.
فهذه الآية ظاهرة للموقنين، والمؤمن يدرك هذه اللفتة على حقيقتها، ويفهمها ويعرف أن المقصود بها ليس أن أسباب الرزق منقوصة في الأرض أو أنها مهملة، ليعمل في الأرض ويتطلع إلى السماء، وليأخذ بالأسباب وهو متأكَّد ومستيقن أنها ليست هي التي ترزقه، فرزقه مقدر عند خالق السموات والأرض، وما كتبه الله له لا بد أن يكون، فهذا من الإيمان الذي فطر الله الناس عليه.
يعلم القارئ الكريم أن العالم أجمع يمر هذه الأيام بقوانين اقتصادية معقدة جدًا، وضعها علماء الاقتصاد، ويسيرون عليها حتى يكون هناك توازن اقتصادي، وما هذه القوانين التي وضعوها ونشاهدها إلا نظريات علمية، وأسباب سخرها الله للرزق.
وما أصدرته حكومتنا الرشيدة من تعديلات وأوامر ملكية جديدة من شأنها عمل تغيير كبير وملموس في شكل الحكومة السعودية واقتصادها، التي تتوافق مع رؤية السعودية التنموية الجديدة عام 2030م، وواقعها على الدولة والفرد والمجتمع وقد يرى البعض أنها قرارات «مؤلمة».
يقول علماء النفس أن كثيرًا من الهموم والضغوط النفسية سببها عدم الرضا، فقد لا نحصل على ما نريد، وحتى لو حصلنا على الذي نريده قد لا يكون في ذلك الرضا التام.
فلا تحزن ولا تيأس!!
لأن الله سبحانه اختار لك الخيرة في الأمر؛ لأن بعد كل عسر يسرًا، وكل ما كتبه الله لك قضاء وقدرًا مسلم، وهو من أمر الله سبحانه.
لذا أخي الكريم: فكر في النعم وأشكر الله، وأرض بما قسمه الله لك، لأن الرضا نعمة عظيمة يصل إليها من كان قلبه متصلاً بالله قويًا بالإيمان، فأنت بخير بما كتبه الله لك.
كما في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أن اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ أن فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الروم 37].
فالله سبحانه وضع قوانين الكون، وأعطى الإنسان عقلاً يتفكر فيه، كلما أحسن استخدامه زاد رزقه في الدنيا والآخرة، وبالنتيجة لن تنال إلا ما كتبه الله لك!
فقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: (تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فإنه من كانت الدنيا أكبر همه أفشى الله ضيعته وجعل فقره بين عينيه ومن كانت الآخرة أكبر همه جمع الله له أموره، وجعل غناه في قلبه، وما أقبل عبد بقلبه إلى الله عز وجل إلا جعل الله قلوب المؤمنين تفد إليه بالود والرحمة، وكان الله إليه بكل خير أسرع) رواه الطبراني في الأوسط.
وفي الحديث الآخر (ولن يغلب عسر يسرين) يجب علينا أن نتفاءل في هذه الأمور من الغيبيات التي لا يعلمها إلا هو سبحانه فهو المقسم والمدبر.
ولنا في مملكتنا الحبيبة أمور عايشناها سابقًا وتقبلناها، منذ سنوات مضت كانت كربًا علينا، وبعد الصبر من الله رُزقنا بحمده الرزق الوفير الذي وضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة والغنية ومن هنا نلتمس السر في قول الله تعالى: {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات 22].
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك وجميع سخطك، اللهم اجعل لنا من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا ومن كل بلاء عافية، اللهم نسألك الأمن والإيمان والأمان والنعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول.