ثامر بن فهد السعيد
أصبح قطاع العقار في المملكة العربية السعودية أحد أكثر القطاعات سخونة وجدلا في الآونة الأخير في محاولة لتحديد اتجاه هذه السوق، وخصوصا القطاع السكني منها، والصحف أيضا أصبحت جزءا من النقاش والجدل حيث وضعت مؤشرات للسوق العقارية وحركة البيع والشراء فيها، وهذه المؤشرات ساهمت في رسم صورة للقطاع العقاري في المملكة، إلا أن اختلاف طريقة احتساب العناصر المؤثرة على هذه المؤشرات صنعت الفرق بين أرقامها.
جاء تراجع القطاع العقاري وتجمد نشاطه خلال الفترة الحالية بعد أن استمرت قيمة الصفقات العقارية بالتزايد لما يزيد عن 17 عاماً، ففي العام 1430 هـ كان مجموع الصفقات العقارية المنفذة في البلاد لا يتجاوز 85.4 مليار ريال، واستمرت بعدها قيم الصفقات العقارية بالتزايد بشكل تدريجي، ففي العام 1430 هـ بلغت قيمة الصفقات العقارية 203.8 مليار ريال قبل أن تسجل قفزات هائلة خلال العامين 1434 هـ و 1435 هـ حيث بلغت قيمة الصفقات العقارية خلال السنتين هاتين على التوالي 386.1 مليار ريال و 436.7 مليار ريال، ويعتبر هذا الرقم الأخير أعلى ما وصلت إليه قيمة الصفقات العقارية في المملكة خلال ما يزيد على 17 عاماً.
وفي العامين 1436 هـ و 1437 هـ سجلت قيمة الصفقات العقارية تراجعاً لعامين متتاليين، وكانت قيمة الصفقات على التوالي 368.5 مليار ريال و 281.2 مليار ريال، هذه الأرقام كفيلة بتأكيد حال الركود الذي يمر به القطاع العقاري.
بطبيعة الحال السوق العقارية شهدت جمودا وتراجعا في الأسعار في تاريخها في المملكة ولكن لحداثة تجربة القيد في المملكة لا يتسنى استعراض إلا ما عاشه أهل السوق في سنوات الركود حول العام 1402هـ إن كان من تراجع في الأسعار أو تراجع في الإيجارات السكنية والتجارية.
مما لا شك فيه أن السوق العقارية تتبع في معايير تتبعها جميع الأسواق، وهي القاعدة الرئيسة العرض والطلب، ومن ثم يأتي تأثير القوة الشرائية للأفراد والأسر، وأخيراً الأوعية الاستثمارية الأخرى التي تجتذب المستثمرين إليها في خانة العرض والطلب تعرضت هذه النظرية إلى بعض التدخل والتغيير لعدد من الظروف انطلاقاً من الاحتكار, اعتبار العقار وعاءً ادخارياً وكذلك تأثير الأنظمة والقوانين على هذه السوق كالنطاق العمراني وكود البناء وتعديل الصكوك الأخرى كالزراعية إلى سكنية.
أما القوة الشرائية فمن المعلوم أنه في السنوات الماضية لم يكن للقطاع المصرفي في المملكة أثر على السوق العقارية، وهذا تغير في السنوات الخمس عشرة الأخيرة، حيث بدأ تشكيل المنتجات التمويلية العقارية بالإضافة إلى مساهمة المنتجات الاستثمارية العقارية في السوق، وهذا ما قد يفسر القفزة الكبيرة في قيمة الصفقات العقارية بين العامين 1433 و 1435 هجرية.
أما الأوعية الاستثمارية فمحاولات تنشيط الأوعية الأخرى قائمة ومستمرة، ولكن لا زال التفضيل يشمل إما سوق المال أو سوق العقار.
أخيراً لم يكن المجتمع المحلي سابقاً مهتماً بالاستثمار العقاري خارج المملكة وهذا ما نشط في السنوات الأخيرة الماضية إن كان في الدولة المجاورة أو الأوربية والأمريكية، وبدلاً من أن يكون خيار الاستثمار العقاري الدولي نخبوياً، أصبح أيضا ميسراً عبر منتجات الاستثمار.
كل هذه العوامل ستستمر في التأثير على مناخ الاستثمار العقاري في المملكة العربية السعودية، ولا سيما أن أهمها التغير الملموس في القوة الشرائية للأفراد إن كان من تعديل العلاوات أو إلغاء بعض البدلات أو من تغير المتطلبات المعيشية للأفراد في المملكة، وكذلك قدرة القطاع المصرفي على لعب الدور النشط في تمويل تلك الصفقات، ستكون أقل مما كان عليه سابقاً، خصوصاً وأن الإقراض العقاري لعب دوراً مهماً في النمو السنوي المتتالي للقطاع العقاري.