حمّاد السالمي
** ما الذي يجمع بين الشركات الخدمية الثلاث الكبرى: (الماء والاتصالات والكهرباء)..؟
** الجامع بدون شك هو ما هيأته الدولة من بنى تحتية كبيرة، ومن نظم تقنية حديثة، لخدمة المواطنين في مدنهم وقراهم، ثم سلّمت كل هذا لشركات استثمارية مشغلة، كان يُفترض فيها تحقيق أهداف الدولة في تأدية هذه الخدمة على أكمل وجه، ومن ثم حصد ثقة المواطنين فيها، وهم الذين يدفعون لها ثمن هذه الخدمة المقدمة وفق ما سنته الدولة من أنظمة.
** هناك جامع آخر استجد في السنوات الأخيرة يجمع بينها، ألا وهو: معاناة المواطنين المريرة، وشكواهم المرة من أمرين أمرهما أمر من الآخر وهما: سوء الخدمة إن وجدت، واستغلال المواطن ماديًا. لن تجد لا شركة المياه ولا شركة الكهرباء ولا حتى شركات الاتصالات؛ ما ترد به على هذا، وإذا برز جهابذتها كعادتهم لتبرير سوء خدماتها وفحش استغلالها للعملاء، فهذا من باب: (عذر أقبح من ذنب).
** أتحدث عن مدن منطقة مكة المكرمة تحديدًا؛ ولا أعمم على بقية المناطق، فنحن في مدننا أرباب خدماتنا التي نريد، ولبقية خدمات المناطق أرباب يحمونها..!
** تصور أنك تسدد للكهرباء كل شهر فاتورة في حدود مئة ريال، ثم تفاجأ بفاتورة تحمل رقمًا فلكيًا من ألف ريال إلى 40 ألف ريال..!! لا تتعجبوا.. هذا حدث ويحدث اليوم في أكبر مدن منطقة مكة المكرمة وهي مدينة (جُدة)، التي تتحول تدريجيًا مع هذه الشركات إلى (جَدّة).
** تصبح فلا تجد ماءً في دارك، وتنتظر ويطول انتظارك حتى يصل إلى أربعة أسابيع متواصلة، وتبحث عن فنطاس ماء؛ فلا تظفر به قبل 48 إلى 72 ساعة إن كنت محظوظًا..! هذا يحدث في (جَدّة) اليوم..!
** تعاني من تذبذب الإنترنت وانقطاع هذه الخدمة في عدة أحياء عوضًا عن القرى، وإذا وجدت من يرد على اتصالك بشركة الاتصالات، فالجواب عند مأمور الصيانة واحد في كل مرة.. انتظر سوف تحل المشكلة.. (نحن في خدمتك)..! انتظر حتى يمل منك الانتظار يا عزيزي في طائفك المأنوس..!
** الفواتير الألفية لكهرباء الغربية؛ التي ظهرت الشكوى منها في جدة ومكة والطائف وبقية المدن؛ تذكِّرنا بسابقتها: (فواتير شركة المياه الفلكية) قبل عشرة أشهر، التي وصل بعضها إلى مئات الآلاف من الريالات. أحد المشتركين من مظاليم شركة المياه؛ تلقى فاتورة قيمتها أكثر من 190 ألف ريال..! فلم يجد من حل مع الشركة التي تهدده بقطع الماء إلا أن يعرض داره للشركة لسداد الفاتورة، لأن قيمة داره المتواضعة أقل من قيمة فاتورة الماء..!
** شاهدت طابورًا للمراجعين أمام مكتب اشتراكات كهرباء واحد في (جَدّة) قبل عدة أيام؛ يضم عشرات ومئات من الرجال والنساء، يقفون تحت الشمس الحارقة، وفيهم العاجز وكبير السن، ومن هو مقعد على عربية. أحدهم قال لي: فاتورتي كانت لا تتجاوز 90 ريالًا ففوجئت بها تصل إلى 818 ريالًا. هاتفت الشركة فقالوا: هناك خطأ ما في الحساب. راجع مكتب الاتصالات. ونصحوني بأن أدفع أولًا ثم أطالب. قال: تركت عملي، وها أنا أراجع هنا من أمس، ولا أدري كيف يصحح الخطأ.
** هناك طوابير أخرى أمام أشياب المياه، وخاصة من سكان حي مشرفة الكبير جدًا في وسط جدة. لا أمل في فنطاس واحد قبل يومين أو ثلاثة. ومنظر السكان وهم يستقون بالجوالين البلاستيكية في هذا الحي؛ أصبح مألوفًا، وما زال الحال على ما هو عليه. الشركة ترد على المستفسرين قائلة:بإن جدة تعاني من نقص في الوارد من الشعيبة. وتقول لآخرين: بأن خط حي مشرفة مضروب ويجري إصلاحه، ويمر شهر حتى اليوم؛ والمضروب على حاله مضروب. يا عيني عليه..!
** هل كُتب على عملاء شركات الماء والاتصالات والكهرباء؛ هذا العناء الذي لا حدود له..؟ فلا الخدمات المقدمة جيدة توازي ما يدفعونه مقابلها، ولا هم في منجاة من فواجع الفواتير الألفية التي تفجأهم بين حين وآخر، فيصبحوا في دوامات كثيرة، منها السداد أولًا أو وقف الخدمة، وإذا تم السداد؛ من يضمن لهم عودة حقوقهم بفعل (السيستم)، الذي لم نعرفه أيام كانت الدولة عبر وزاراتها ومؤسساتها الرسمية، تقدم الخدمة بكل ضمان وأمان.
** حيّوا معي المواطن الذي لا أعرفه: (أحمد العنزي)، الذي شكا شركة اتصالات فقط لأنها ابتزته في (هللة واحدة فقط)، وناضل وكافح حتى أعيد له حقه المسلوب بعد 12 ساعة فقط..! هذا النموذج ينبغي أن نتمثّله كلنا مع كل الشركات التي تهضمنا حقوقنا.
** كم منا من تحمّل فواتير خدمات اتصالات وهمية لا وجود لها ولم يطلبها..؟ ومن ظل يتوسط للحصول على فنطاس ماء أو تصحيح فاتورة كهرباء..؟ دعونا نعلّق هذه الذنوب التي نتحمّلها من هذه الشركات مجتمعة؛ في رقاب المسئولين في وزارة الاتصالات، ووزارة المياه والكهرباء. شركات خدمية كبيرة في كل شيء؛ إلا في الخدمة المناطة بها، وفي المصداقية مع المواطنين.