«الجزيرة» - المحليات:
أكَّد معالي الوزير مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الاستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل، في كلمة توجيهية لأبنائه الطلاب والطالبات تضمنت عشر وصايا ابتدأها بقوله: يسعدني ويشرفني ويسرني ويثلج صدري أن أجلس مع إخوتي وزملائي وأبنائي في مثل هذا اللقاء المحبب إلى النفس القريب إلى القلب، فما جئنا هنا وما وجدت الجامعة بكافة معطياتها ووحداتها ورجالاتها والعاملين فيها إلا من أجلكم وأجلكن، ومن هنا فإن هذه الاجتماعات وهذه الملتقيات يجب أن نحرص عليها جميعًا وأن نتعاون في سبيل الوصول إليها والاستفادة مما يطرح فيها من الأقوال، وكل ما هو جديد ومفيد نافع، وخصوصًا لمن هو في بداية الطريق أمثالكم وأمثالكن، ولكي يكون الأمر واضحًا والكلمات جليات والعبارات مفهومات والجمل تصل إلى القلب لأنها خارجة من قلب صادق محب للجميع بإذن الله؛ أركز كلمتي في عشر وصايا:
أما الوصية الأولى:
فلنعلم أننا ننتسب إلى دين عظيم وعقيدة كريمة ومنهج قويم.. ألا وهو دين الله الإسلام الذي لا يُقبل من أحد سواه وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ ، هذا الدين جاء بكل خير وفضل وعدل وبر وإحسان ورحمة ومحبة وألفة وتعاون على البر والتقوى وكل ما يجمع القلوب ويعضدها ويبعد الإنسان عن المكدرات والمنغصات والمؤثرات في دينه ودنياه وأخراه الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إيمانهُم بِظُلْمٍ أولئك لَهُمُ الأمن وَهُم مُّهْتَدُونَ ، فالله الله في الاستقامة على دين الله والسير على هداه والنهل من معينه الصافي ومورده الزلال.. كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه سلف هذه الأمة، فهي طريق السعادة والفلاح والنجاح والطمأنينة والسرور في الدين والدنيا والآخرة، كما أنه محقق للأمن والأمان والاطمئنان والاستقرار.
الوصية الثانية:
أن نعلم جميعًا أننا ننتسب إلى خير الأوطان وأفضل البلدان، بلاد الحرمين وقبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم ومتطلعهم والمعينة لقضاياهم والناصرة لكل مسلم فوق كل أرض وتحت كل سماء.. وطن الإسلام وطن القرآن وطن السنة وطن التوحيد، وطن كل خير وفضل ونماء وعطاء.. المملكة العربية السعودية.
الوصية الثالثة:
إنه يجب علينا أن نحافظ على ديننا وعلى وطننا وبلادنا بأقوالنا وأفعالنا وكل شؤوننا وأن نعلم أنه لن يحمي هذا الوطن ويقوم بواجبه إلا أبناؤه المنتمون إليه، يساعدهم ويعاضدهم في ذلك أبناء الأمة الإسلامية، ولا شك أن الدفاع عن عقيدتنا وعن ديننا ووطننا شرف وعز وكرامة يتمناها كل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها.
الوصية الرابعة:
لنعلم أن هناك رجالاً أوفياء صدقوا ما عاهدوا الله عليه ولهم حقوق علينا، وواجبات يجب أن نقوم بها وأن نؤديها كما أمرنا الله بذلك ورسوله صلى الله عليه وسلم، يقول الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأمر مِنكُمْ ، قال إمام المفسرين ابن جرير الطبري -رحمه الله-: المقصود بأولي الأمر في هذه الآية هم ولاة الأمر الذين لهم في أعناقنا بيعة ويجب علينا السمع والطاعة لهم في غير معصية الله عز وجل، وقد جاء في الحديث الصحيح المخرج عند مسلم -رحمه الله- كما في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله هل بعد هذا الخير من شر قال: نعم، قلت كيف يكون، قال: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، قال: قلت كيف أصنع يا رسول الله أن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع، هذا قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم، محكمان بينان ظاهران حجتان ليس لقائل أن يقول عليهما أو يزايد فيهما أو ينقص من شأنهما كائنًا من كان، وهذا دين الله عزّ وجلّ باقٍ إلى قيام الساعة، وخير الناس من أخذ به وطبقه على نفسه وعلى أبنائه وبناته وعلى إخوانه وجيرانه وكل من يلتقي بهم ويتعرف عليهم ويجلس معهم حتى يخرج من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المخرج عند البخاري ومسلم في صحيحيهما عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله هل بعد هذا الخير من شر قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قال: قلت يا رسول الله صفهم لنا قال: هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قال: قلت يا رسول الله فبماذا تأمرني أن أدركني ذلك، قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم.
الوصية الخامسة:
لنعلم جميعًا أن العاصم من الشرور والفتن والمخاطر والعوادي والمؤثرات هو إقامة التوحيد وإخلاص العبادة لله عزّ وجلّ كما جاءت في الوحيين الكريمين وفهمه علماء السلف منهما، ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم، عاصم من ذلك بعد الله عزّ وجلّ، فإذا سلك المؤمن هذا الطريق سلم من الفتن ظاهرها وباطنها ونجا من دعاةٍ على أبواب جهنم أيًا كان جنسهم ومهما كان نوعهم وبأي عمل عملوا وبأي قول قالوا.
الوصية السادسة:
علينا أن نحْذر ونحذِّر من دعاة السوء الذين نراهم يرفعون عقائرهم في وسائل وأدوات متعددة ومتنوعة ومنها على وجه الخصوص وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يسمى بالإعلام الجديد، يقبحون الحسن ويحسنون القبيح ويدسون السم في العسل ويقلبون الحقائق ويزيفونها بأساليب براقة وعبارات رنانة وجمل يدغدغون بها العواطف ويثيرون فيها الغير الفائرة، فيقع الشاب أو الشابة أو غيرهما في براثنهم وحبائلهم وشباكهم علم أو لم يعلم، واعلم أيها الطالب والطالبة والابن والبنت أنكم في معقل من معاقل العلم والمعرفة، يتمنى أن ينتسب إليه أعداد كبيرة لا تحصى لينهل من معينه ويغرف من مورده الزلال، إلا وهو جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فكونوا قريبين من علمائكم ومن أساتذتكم ومن مشايخكم حتى تسلموا من هؤلاء المروجين المرجفين المتفننين في كل وسيلة شر وطريق انحراف سلوكي كان أو فكري.
الوصية السابعة:
أن تعلموا أن الله عزّ وجلّ امتن عليكم وتفضل بأن انتسبتم إلى هذه الكليات والأقسام بمساراتها المتنوعة في هذه الجامعة، وهذا لا بد أن يستشعره الطالب ويدركه ويكون نصب عينيه وعلى باله وأمامه دائمًا وأبدًا، لأن الفرص لا تعوض وقد لا تعود، فإذا كنت قد حصلت على القبول، أو أيتها الفتاة قد حصل لك القبول في هذه الجامعة، ففرغ وفرغي أوقاتكما للعلم والتحصيل والاستزادة والاستفادة ولا تلهينكم اللواهي ولا تشغلنكم الشواغل واجعلوا همكم وأجمعوه على ذلك، لأن الوقت يزول ويذهب والإنسان قد لا يدرك ذلك وكما قيل لا ينفع الندم عند فوات الأمور.
الوصية الثامنة:
يقول الشاعر:
الجَدُّ في الجدِّ والحِرمانُ في الكَسَـلِ
فانصبْ تُصِبْ عنْ قريبٍ غايةَ الأملِ
واصبرْ على كلِّ ما يأتي الزَّمانُ بهِ
صبرَ الحُسامِ بكفِّ الـدّارعِ البَطَـلِ
ويقول الإمام الشافعي:
اصبر على مرِّ الجفا من معلمٍ
فإنَّ رسوبَ العلمِ في نفراتهِ
ومنْ لم يذق مرَّ التعلمِ ساعة
تجرَّعَ ذلَّ الجهل طولَ حياته
ومن فاتهُ التَّعليمُ وقتَ شبابهِ
فكبِّر عليه أربعًا لوفاته
وَذَاتُ الْفَتَى ـ واللَّهِ ـ بالْعِلْمِ وَالتُّقَى
إذا لم يكونا لا اعتبار لذاتهِ
وهذه مؤشرات وأمور لا بد أن يعرفها ويدركها طالب العلم، وليس طالب العلم يطلق على المتخصص في الشريعة أو في أصول الدين أو في المعهد العالي للقضاء أو في غيرها من الدراسات الشرعية والإسلامية، بل إن طالب العلم يدخل فيه كل من انتسب إلى جامعاتنا وخصوصًا هذه الجامعة، وقصد الفائدة وإفادة الناس وأحسن النية فإنه طالب علم، ولذلك فإنه ثبت في الحديث الصحيح المخرج عند البخاري ومسلم رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة)، وفي الحديث الصحيح الآخر قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العلماء ورثة الأنبياء أن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا ولكن ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر) رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني، والله عزّ وجلّ في كتابه لم يطلب من نبيه الاستزادة من أي أمر دنيوي أو ديني سوى العلم، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم (وقل ربي زدني علمًا) قال الإمام ابن حجر العسقلاني -رحمه الله-: (إن هذا يدل على أفضلية العلم)، والعلم في هذا هو المقصود به ما تناول صفات الله ونعوت كماله وجلاله ومداره على التفسير والحديث والفقه، ولكن يلحق بها كل ما نفع المسلمين وأقام شؤونهم وجعلهم يستغنون عن غيرهم، من العلوم الصحية والطبية والتطبيقية والتقنية والاجتماعية وغيرها، لأنه ثبت في الحديث الصحيح عند مسلم -رحمه الله- أن النبي صلى الله عليه وسلم وجدهم يؤبرون النخل ورأى أن ذلك يتعبهم ويأخذ منهم الوقت والجهد فقال لهم لو تركتم ذلك فتركوه، ففسد ثمر النخل وقالوا له إن ذلك بسبب أنه لم يؤبر فقال لهم (أنتم أعلم بأمور دنياكم)، وهذا دليل استند إليه العلماء في وجوب طلب العلم، بل قد يكون فرض عين على شخص بعينه إذا لم يقم به غيره وخصوصًا في العلوم المدنية والعسكرية.
الوصية التاسعة:
اعلموا وفقني الله وإياكم لهداه وجعلنا وإياكم مباركين في القول والعمل أن هذه الجامعة جامعتكم وأن كل وحداتها وإداراتها مسخرة للطالب والطالبة، فما عليه إلا أن يُقْدم لطلب معين أو حل مشكلة أو قضية تعوقه، في أموره العلمية والأكاديمية والبحثية، أو حتى في شؤونه الاجتماعية وعلاقاته، لأن الأبواب مفتوحة والقلوب قبلها مشرعة لا يمكن أن نغلقها على من نحبهم ووجدنا من أجلهم، فكما أننا نسعى إلى رفاهية وسعادة أبنائنا وبناتنا؛ فثقوا ثقة تامة أنكم مثلهم ولا نفرق بينكم وبينهم ما دام أننا في هذه المسؤولية وتحملنا هذه الأمانة، ولدينا ثلاثة أيام نستقبل فيها الطلاب وأولياء الأمور والأساتذة والمدرسين والموظفين، وهي يوم الأحد والاثنين والثلاثاء، نجلس في صالة استقبال المراجعين في مبنى إدارة الجامعة من بعد صلاة الظهر ولا نقوم حتى ينتهي آخر مراجع مهما كان حاله أو ظرفه أو وضعه، وقد هيأت الوسائل والأساليب والإمكانات من أجل أن تصلوا إلى مكان الاستقبال بكل سهولة ويسر.
الوصية العاشرة:
كما أننا نهيئ كل الإمكانات المادية والمعنوية والمنشآت والأماكن لكم؛ فلا بد أن تكونوا أنتم أيها الطلاب والطالبات على قدر المسؤولية، وأن تكونوا يقظين فطنين مدركين، وهذا يدفعنا إلى أن نقول: إن كل مستجد في البرامج التحضيرية وكل مستجد في الكليات التي ليست فيها برامج تحضيرية عليه أن يتعرف على الأنظمة واللوائح والقواعد التي تنظم دراسته ويعرف من خلالها ما له وما عليه فيما يتعلق بالدراسة وما يتعلق بالتسجيل والحذف والإضافة وطي القيد والاختبارات وغيرها، وأنا أتعجب أحيانًا عندما يأتيني طالب وأسأله عن السجل الأكاديمي ويقول ما هو السجل الأكاديمي، وهذا غير لائق بطالب وصل المرحلة الجامعية وبلغ من النضج والعقل ما يجعل والديه يعتمدان عليه، وهو أيضًا يُهيأ لأمر لو فطن له لبذل جهدًا كبيرًا في معرفة هذه الأنظمة، حتى لا يقع في مشكلة أو أمر من الأمور التي قد تكون عائقًا له عن مواصلة دراسته أو عمّا يريد الوصول إليه والتخرج من هذه الكلية أو تلك، ولا يعني هذا أن نحمّلكم أيها الطلاب والطالبات كل هذه المسؤولية، بل إن المسؤولين في الجامعة من وكلاء وعمداء كليات وكذلك عمادة البرامج التحضيرية وعمادة شؤون القبول والتسجيل وعمادة شؤون الطلاب عليهم القيام بدورهم الريادي في تعريفكم وتوجيهكم لكل ما تحتاجون إليه.
أسأل الله العلي القدير أن يوفقني وإياكم لما يحبه ويرضاه من الأقوال والأعمال، وأن يجعلنا وإياكم من الموفقين المسددين المباركين، وأن يجعل علمنا وعملنا خالصًا لوجهه الكريم.. اللهم افتح لنا ولأبنائنا وبناتنا أسباب الفلاح والنجاح والتوفيق والسداد والسعادة والسرور والطمأنينة في الدين والدنيا والآخرة.
وإلى مستقبل زاهر زاخر بناء مثمر لنا ولكم ولوطننا.. المملكة العربية السعودية، التي تنعم بهذه النعم العظيمة والآلاء الجسيمة، وهي تعيش هذه الأيام فرحة يومها الوطني السادس والثمانين، وإلى مزيد من الحفظ والتوفيق والسداد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، جاء ذلك خلال لقاء معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الاستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل في اللقاء التعريفي السابع لطلاب وطالبات البرامج التحضيرية في الجامعة، وقد شهد اللقاء حضورًا كثيفًا من قبل الطلاب والطالبات وتفاعلاً منقطع النظير.