ماذا لو ...تحدثت المرأة بصدق تام عن مشاعرها في إحدى القصائد، هل ستربح نصًّا آدميا ينبض بالحياة «فكثيراً ما نجد أن أدبها وشعرها وفكرها متصحر بشكل خارجي يضرب صفحا عن التماس مع الأرواح ويأخذنا بعيدا عن اشتعالها وإرهاصاتها النفسية فكثيرا ما أتابعُ شاعراتٍ يُدْخِلْنَنِي لنفقٍ لا ضوء فيه أحاول جاهدة أن أمشي خلف مسارب الضوء لأقلامهن، وأتتبَّع براكينها الكتابية وأستمتع بلهيب مشاعرها وانصهار معانيها فلا أجد منفذا فأعود من أول السطر».
وها أنا اليوم أبحث عن أسباب ذلك، فهل توجد مناطق محظورة خاصة عند المرأة تبتعد عنها وقت الكتابة عن الرجل، رغم كل الصخب العاطفي الذي لا يجيده إلا هي أين تذهب شقاوتها وشياطينها في ترجمة هذا الحس الرفيع الذي يغرق اللغة بجمالياته لماذا تعتمد في كتاباتها عن الوصف الخارجي لآدم هل هي متأثرة بأدب الرجل وشعره هل عندما يغدق الرجل بعطائه الفكري يفتح لها أبوابا فتترك أبوابها المفتوحة وتقتحم أبواب الرجل، كمهروب من كتابة مشاعرها «أم أن السبب عقلية المرأة الذهنية وتركيبتها هي من يؤثر سلبا عند الكتابة لكني وجدته سببا غير مقنع لأني أعرف الأنثى وأدرك كل انفعالاتها الداخلية الصاخبة وغيرها التي كثيرا ما تقتل الحب وبالتالي تقتل الإبداع» فأين أجد شاعرة تحدثني بجرأة عن هذا الحب الغائر في جوفها وتصبح ذئبة شرسة حين تكتب عن آدم. لعلي أجد بعض العذر كأنثى في بعض الأمور كالغيرة فهي لا تحبذ أن تتعرى أمام بنات جنسها حيث تمنعها كبرياؤها أمام الناس أن تكتب عن غيرتها حتى لا يظن أن الحبيب لديه أنثى أخرى ولا أدري هو ذكاء أم كبرياء ولكني أقارنها بالرجل فأجده يكتب الشعر بأريحية تامة يعبر عن غيرته بدقة متناهية تأخذنا إلى عالمه الملهم بينما تحترق المرأة كي لا تظهر هذا الشعور وتحرق معها كل مشاعرها «وكلنا نعرف أن شعار الأنثى اقتلني ولا تهملني» إذن اكتبي اكتبي ما لمانع لماذا لا تتجرأين ، متى تستعدين للغضب والعنف الكتابي وتدونين كل ما تحسينه وتشعرين به في بيان أدبي تنافسين فيه عمَّنا آدم، لماذا لا تزاوجين بين حياتك وبين كتاباتك، متى تتمردين وتكتبين عن نشوتك بروح وجدانية، فالحب كائن حي لا يجب علينا تخديره فنظل بلا هوية ولا حياة.
تذكرت وأنا أكتب هذا البوح الكاتب الكبير العقاد وقصته التي جعلت منه أعزبا ويكره النساء رغم أنه مر بقصص حب كثيرة إلا أنه عزف عن الزواج والسبب امرأة أحبها حبًّا روحيا خرج عن مألوف الحب العادي الذي يناجي النجوم ويركض خلف السماء ويمر بمحطات الانتظار وهيمنة المشاعر السطحية إلى عالم آسمى من ذلك وأعمق› حاول صناعته في أروقة الشعر وصالونات الأدب والفكر ودور اللغة والمعرفة كان حبًّا خفيًّا في الروح لا يلامس المظهر العادي في الحب إرادة جدارية مختلفة حالمة، بعيدا عن القصص العذرية لكن هذا الحب لم يستمر فقد أسقطته الأنثى بعدم قدرتها على تحمل تبعاته الشاقة فالحب الروحي يقدم نفسه بلطف فيسري في الجسم مجرى الدم ثم يعلن نفسه بحرية وينطلق دون قيود، دون أَسْرٍ، دون حواجز، يتدفق، يبعثر يزلزل اللغة، حتى تنصهر كقطعة سكر في فنجان.
- مريم سعود