د. عبدالواحد الحميد
معلومٌ أن زراعة الأعضاء البشرية فتحت آفاقًا من الأمل لدى بعض المرضى الذين يعانون من الفشل الكلوي أو أمراض الكبد أو غيرها من الأمراض التي لا علاج جذري لها إلا بزراعة أعضاء سليمة مكان الأعضاء المريضة. ومعلومٌ أيضًا أن هذه الزراعة تتم باستئصال الأعضاء من أجساد أشخاص متوفين وزرعها في أجساد أشخاص آخرين، أو الحصول على أعضاء من متبرعين أحياء من أقارب الشخص المريض أو ممن يرغب بالتبرع لسبب أو لآخر.
لكن هذا النجاح العلمي الباهر الذي فتح آفاقًا من الأمل فتح أيضًا منافذ تَلِج منها عصاباتٌ إجرامية تتاجر بالأعضاء البشرية مستغلة حاجة بعض الفقراء للمال وإغرائهم ببيع كُلاهم أو حتى الاستيلاء عليها بالخداع دون علمهم وذلك أثناء إجراء عمليات جراحية لهم يتم خلالها استئصال إحدى الكلى دون أن يعرف المريض ذلك!
وهناك قصص شاهدناها في الأفلام أو قرأناها في وسائل الإعلام عن عمليات إجرامية تقوم بها عصابات المتاجرة بالأعضاء البشرية في بعض البلدان كالهند، ولكن لم يخطر على البال أن مثل هذا يمكن أن يحدث في بلادنا!!
لذلك ذهلت عندما قرأت ما نشرته صحيفة عكاظ منذ أيام عن القبض على عصابة من جنسية عربية تتاجر بالأعضاء البشرية مكونة من أشخاص بينهم طبيب يعمل في مستشفى شهير بجدة ويحصلون على أموال وعمولات في صفقات تجارية تقوم على العرض والطلب كأي سلعة تباع في السوق!
وقد ألقت شرطة جدة القبض على أفراد العصابة بعدما اتضح أنها تقوم بإحضار أشخاص من نفس جنسيتها دخلوا المملكة بتأشيرة زيارة، ثم يتم شراء كلاهم وزرعها في أجساد أشخاص آخرين مقابل المال!
ربما يصعب لوم المريض الذي يتعلق بقشة من الأمل لإنقاذ حياته وربما هو لا يدرك خفايا وأسرار ما يتم بشكل كاف، كما أن من الصعب توجيه اللوم إلى الفقير المدقع المحتاج الذي سدت السبل في وجهه فلم يجد أمامه سوى بيع كليته ليصرف على أسرته أو ليسدد ديونه. لكن اللوم، بل العقاب، يقع على العصابات التي تتكسب بالمتاجرة بآلام الناس وتستغل حاجة المحتاجين سواء المشترين أو البائعين!
شكرًا لشرطة جدة، فما قامت به يحمي سمعة بلادنا من تهمةٍ قد يتم إلصاقها بها وهي تهمة المتاجرة بالأعضاء البشرية التي تجد رفضًا وازدراءً من كل المجتمعات المتحضرة، ويجب معاقبة أعضاء هذه العصابة بقسوة وحزم وأن يتم الإعلان عن ذلك ليكون رادعًا لغيرهم.