رغم زعمي في نفسي أنني قارئ جيد، كنت محسن الظن بكل الشيعة، وأن تشيعهم لعلي رضي الله عنه، ما هو الا بتأثير تاريخ قد طويت صفحاته عن موقعة الجمل. فأقول مع ما أرى من حق لعلي رضي الله عنه على معاوية عفا الله عنا وعنه.. حتى خيب ظني في بعض الشيعة بعض، وشفع لحسن ظني ببعضهم بعض كالمرجع الشيعي على الأمين. وأما ما أنبتُ نفسي على حسن الظن فيهم، فهم من شاكل معمم، من معممي الشيعة الاثني عشرية يسمى الغزى الذ قال: « من زار أبي عبدالله (يقصد الحسين بن علي رضي الله عنه) في يوم عرفة في قبره قرب شط الفرات كمن زار الله في عرشه» ثم يقول: « الله يترك ضيوفه في عرفة، ويأتي إلى من زار الحسين ويكتبه في أعلا عليين، الله يترك ضيوفه بعرفة، ويتوجه لزوار الحسين. ويقول كل ذنوبكم ببركة الحسين غفرتها لكم. فاعلوا أي صفحاتكم بيضاء نظيفة. ثم يواصل ويقول: ثم يعرج بعد أن يفرع من زوار قبر الحسين على ضيوفه في عرفات. «تعالى الله عما يصفون» القائل» ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون» هذه الآية القرآنية الكريمة التي لا تقبل التأويل يمر عليها قوم هم أكفر الكافرين بها. وكنت أحسنت الظن بظني أن هذا المعمم المسمى الغزي متفرداً بهذا البهتان على الله ورسوله، فخيبوا ظني فيهم خيب الله أعمالهم وأقوالهم. حيث بالبحث تبين لي أن الاثني عشرية كلهم نهلوا من منهل واحد لا يختلف عن منهل بني إسرائيل {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً}.. علماء بني إسرائيل يكتبون الكتب باديهم ويودعوها أراءهم. ويقولون هي من عند الله، يطلبون بالافتراء على الله ميل العامة اليهم . وفسر المفسرون (ويل) بأنه وادي جهنم.. نعوذ بلله من أن نشرك بوحدانية وألوهيته وربوبيته. الله تعالى القائل {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}.. {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}.. هل لدي هذه الفئة من الشيعة من الكتاب والسنة الطاهرة ما يدل على بيت لله غير مكة المكرمة، والله تعالي القائل: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بَِكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }.. وقال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ}..لم يقل تبارك وتعالى استشفعوا بالحسين أشفعه فيكم، ولم يقل أن أول أو ثاني أو ثاني عشر بيت وضع للناس بكرب وبلاء. ولم يقل فإذا أفضتم من كرب وبلاء فاذكروا الله عند قبر الحسين. والأحاديث المتواترة المرفوعة بأسانيدها الصحيحة عن فضل الله على أهل عرفة بعرفة.. وروى ابن عبد البر أيضاً، بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات، وكادت الشمس أن تؤوب، فقال: (يا بلال! أنصت لي الناس) فقام بلال، فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصت الناس، فقال: (معاشر الناس، أتاني جبريل آنفًا، فأقرأني من ربي السلام، وقال: إن الله غفر لأهل عرفات وأهل المشعر، وضمن عنهم التبعات).. فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، هذا لنا خاص، فقال: (هذا لكم، ولمن أتى بعدكم إلى يوم القيامة) فقال عمر رضي الله عنه: «كثر خير الله وطاب». آيات كفر هذه الفئة الاثني عشرية واضحة وضوح رابعة النهار. بدليل تدليسهم زوراً وبهتاناً بنسب حديثهم إلى حديث أحد الأئمة الأحد عشر كالرضا والكاظم وغيرهم دون سند.. ثم عن الله بقولهم: ويأتي إلى من زار قبر الحسين بجوار شط الفرات «لاحظوا سفاهة العقول وعي المنطق. حين بقولون» فيقول لزوار الحسين كل ذنوبكم غفرتها لكم. ولنحلق في تخيل الموقف كما ترويه منابر الشيعة الاثني عشرية. فقد زعموا أن الله يقول لزوار الحسين. هل سمع كل زوار الحسين كلام الله بأسماعهم، وهل تحدث لهم بلغتهم التي يفهمونها، أو هو همس بأذن أحد آياتهم، أم الحسين نطق بها في قبره وقد أرمت عظامه. وزعمهم أن أجر من زار الحسين في قبره كأجر من زار الله في عرشه!. تفكروا كيف استخفوا بالعقول بتزييف العقل، واللا معقول كحقيقة مسلمة. وإلا كيف يجرؤ على هذا القول؟ هل من زائر لله في عرشه؟ وكم كان أجر هذالزائر لقياس عليه أجر من زار الحسين في قبره ومن هذا الزائر لله في عرشه وهو القائل»{وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}.. تخيلوا كيف تعتقدون بضعف قدرة الله، بقولهم بعد أن يزور زوار الحسين، يذهب إلى عرفات؟.. وهم بهذا المنطق يعزون العجز لقدرة الله، الذي أحاط بكل شيء علماً. حينما قالوا بعد زيارته لزوار قبر الحسين يذهب لعرفات. كما لو كانت قدرة الله بقدرة خلق من خلقة يقضي حاجة، ثم إن لم يدركه الوقت قضى الأخرى. فإن أدركه الوقت وغابت شمس يوم عرفه أجل زيارة ضيوفه في عرفة للعام القادم.. أحاطوا بإرادة الله وقدرته حسب أهوائهم أحبطهم الله في دنياهم وأحبط صالح أعمالهم لكفرهم كفراً أكفر من الكفر.