يوسف المحيميد
حينما أصيب أطفال السويد بالضجر من مادة الجغرافيا، كان لابد من طريقة ممتعة لإخراجهم من هذا الضجر، فاستعانت وزارة التربية السويدية بالكاتبة سلمى لاغرلوف، التي كتبت روايتها الشهيرة «مغامرات نيلز المدهشة» وأصبحت فيلما كرتونيا شهيرًا، ونيلز هو الطفل الذي يؤذي الحيوانات، فيعاقبه قزم بتحويله إلى قزم صغير جدًا، جعله يستطيع أن يركب فوق ظهر الأوزة مورتن، ويسافر شمالا صيفًا، وجنوبا شتاء، ليمر بمختلف التضاريس، التي تشرح الجغرافيا ببساطة ومتعة!
وحينما تعب المعلم في مدرسة نيرويجية، السيد غوستاين غاردر، من إيصال مادة الفلسفة، وتاريخها الطويل، للتلاميذ المراهقين في النرويج، قرر أن يكتب موجز تاريخ الفلسفة بطريقة مشوقة، فابتكر شخصية الطفلة صوفي، التي تجد في صندوق بريدها رسالة تطرح سؤالين: من أنت؟ ومن أين أتى العالم؟ فيبدأ معها رحلة البحث عن أسئلة وجودية، باستعراض تاريخ الفلسفة، وتصبح روايته «عالم صوفي» من أهم روايات القرن العشرين!
ماذا عن مقرراتنا المدرسية العربية؟ وأي ملل وضجر يملأ صفحاتها؟ كيف يمكن أن تتحول مادة الرياضيات المعقدة إلى مادة سهلة؟ كيف يصبح تعليم الإنجليزي مغريا لتلاميذنا؟ وماذا لو تحولت مادة النحو والصرف، أو كفايات لغوية، التي لا يفهمها معظم تلاميذنا، إلى مادة ماتعة ومشوقة بحيلة سردية ذكية؟ حتى مواد الدين وغيرها من المواد التي تعتمد على التلقين، ماذا لو قدمت بصيغ عصرية معاصرة؟ ماذا لو استعانت وزارة التعليم بالمبدعين، لابتكار حلول ممتعة لتعليم بعض المواد الصعبة والمملة؟ أقول ذلك لأن وزير التعليم هو ممن يؤمن بأهمية الأدب، وقيمته، ودوره في بناء شخصية الإنسان، فماذا لو استطعنا التوصل إلى أعمال أدبية مشوّقة تسهم في تسهيل العلوم المختلفة، كما فعل غاردر ولاغرلوف مع مادتي الفلسفة والجغرافيا.