عبدالعزيز السماري
وصل عدد الطلاب السعوديين الذين يدرسون في الخارج 150 ألف طالب في بعض المراحل الزمنية الأخيرة، ويبلغ أكثر من 32 بالمائة من السعوديين العاملين من حملة الشهادات الجامعية، وهذه نسبة تعادل نظرائهم في دول أوروبا والولايات المتحدة كما وضحت الدراسات، ويُعدّ سوق الكتاب السعودي هو الأكبر والأكثر مبيعات وزواراً في العالم العربي.
كذلك وصلت برامج التدريب الطبي عدداًَ ونوعية إلى مستويات مرموقة وتقارن بالدول المتقدمة في مختلف المجالات، وقد تُقارن بالمستوى العالمي الأول، كما بينت الإحصاءات المنشورة ارتفاع وازدهار البحث والنشر العلمي منذ عام 2006 بصورة استثنائية، كما وصل بنية الاقتصاد إلى مرحلة قوية وتجعلها في مصاف الدول المتقدمة.
بكلمات أخرى نحن أقرب من أي وقت مضى إلى الوصول إلى مصاف الدول المتقدمة في الخبرات العلمية والطبية والبحث العلمي، بالإضافة إلى ارتفاع نسب التعليم العالي بين أفراد المجتمع، وهي حالة قد تكون بمثابة تذكرة الخروج النهائي من زمن الجهل والتخلف والأمية المعرفية إلى عصر العلم والمعرفة والتقنية والازدهار.
لم يحدث هذا عبثاً أو صدفة، لكن وصلنا إليه بسبب جهود الدولة وخططها للوصول إلى مرحلة متقدمة من الموارد البشرية الماهرة، وحسب وجهة نظري لم يبرز الإعلام الخارجي تلك الصورة التي توضح الوجه المشرق للوطن، من أجل تبديد تلك الصورة الظلامية التي يحاول البعض أن يرسمها عن الوطن، فقد حاربت الدولة الجهل والأمية والتطرف في القرى والصحاري، ونشرت مختلف وسائل التعليم في أرجاء المملكة.
نحن طبقنا معايير الدول المتطورة، وذلك بنشر التعليم العالي في الأرياف والقرى والأماكن النائية، وهنا على وجه التحديد يكمن سر النجاح السعودي عند مقارنته بدول العالم الثالث، وفي الوقت الحاضر أصبحنا مؤهلين أكثر من أي وقت مضى لتجاوز تحديات الطبيعة والجغرافيا والتطرف، وسنكون قريباً مجتمعاً منتجاً إذا تم احتواء هذه الثروة الوطنية من الموارد البشرية في مشروعات وطنية عملاقة.
لقد راقبت شخصياً عبر السنين في محيط عملي ولادة تلك الطاقات المتفجرة في الأجيال الجديدة، والتي لم تكن لتحدث بدون إصرار الدولة على ذلك، وبدون استثمارها للأموال الطائلة لتأسيس الجامعات ونشر برامج التدريب إرسال البعثات، وبدون توجيه المسؤولين للعمل في هذا الاتجاه.
وطننا الجميل يجب أن نحافظ عليه مهما كلف الثمن، فقد ازدادت التحديات والاستفزازات من حوالينا في المنطقة، وهناك من يحاول بسياسة الاستفزاز والتهور والتحريض تكدير أجواء التفاؤل في الوطن، بإدخاله في متاهات لا نهاية لها، ثم تحويل مشاعر التفاؤل إلى نظرة تشاؤمية نحو المستقبل، ولكنهم لم ولن ينجحوا في استفزازهم أو تحريضهم.
فالقيادة التاريخية لهذا الوطن ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- تملك الذاكرة والقدرة والخبرة والحنكة لانتشال الوطن من تحديات وعراقيل الفساد الإداري والمالي، ومن قلق النكوص نحو الخلف في اتجاه الماضي المشبع بعناصر الجهل والأمية والتطرف والعنف.
ستستمر المسيرة الوطنية في التعليم والتنمية، وستصل إلى مراحل متطورة مهما حاول البعض التأثير السلبي على تلك المسيرة الوطنية الجميلة، وسيكون الوطن أجمل وأفضل في الغد بإستراتيجية الإصرار الوطنية.. والله ثم الوطن من وراء القصد.