الأمير نواف بن سعد رئيس مجلس إدارة نادي الهلال الحالي، هو كما لا يخفى على الجميع أحد رجالات الرياضة السعودية المحترمين، المتكئين على رصيد كبير من سنوات الخبرة في العمل بالمجال الرياضي في المملكة، هذه الخبرة أعطت سموه مع تقادم السنين رؤية أشمل وفهما أعمق للوسط الرياضي بكافة مفرداته وانعكس ذلك بشكل إيجابي عندما أصبح سموه رئيساً لنادي الهلال مفخرة الكرة الآسيوية.
جاء حديث سموه التلفزيوني الأخير ليضع النقاط على كثير من الحروف، فكان حديثاً ضافياً شاملاً صريحاً لأبعد الحدود، أجاب فيه على كثير من التساؤلات التي كانت تدور في أذهان الأمة الهلالية، وعلى ضوء تغريدات تويتر التي أعقبت اللقاء بدا واضحاً مدى الارتياح الذي شعرت به الجماهير الهلالية، عندما سمعت من سموه ما تطمئن به قلوبهم على أحوال فريقهم في مستقبل الأيام.
بغضّ النظر عن كون الأمير نواف يحمل درجة بكالوريوس جامعة الملك سعود في الإعلام، مما أسهم في جعل حضور سموه يليق بشخصه الكريم وبمستوى النادي الذي يترأسه، إلا أنه إلى جانب ذلك ظهر في اللقاء بروح المشجع العاشق لناديه، فتحدث بكل وضوح وصدق، واضعاً نصب عينيه حجم الأمانة الملقاة على عاتقه وهو يتحمل مسؤولية أكثر الأندية شعبية في المملكة والخليج العربي.
طالب الأمير نواف جماهير الزعيم عدم تصديق الإشاعات وعدم الاندفاع وراء أي خبر يُنشر لأنه ليس بالضرورة أن يكون الخبر المنشور صحيحاً، ثم إنه وبحسب وصف سموه أصبحت مهنة الإعلامي الرياضي مهنة من لا مهنة له، مؤكداً أن بعضهم همهم الأول ظهور أسمائهم في المشهد طلباً للشهرة بغضّ النظر عن السياق الذي تُذكر فيه أسماؤهم ذمّاً كان أو مدحاً، وبالتالي فإن تصديق مثل هذه الفئة لا يليق بجمهور راقٍ فائق التفكير كجمهور نادي الهلال، طالبا منهم الثقة بفريقهم وأن الإدارة تعمل كل ما بوسعها لإسعادهم وتحقيق تطلعاتهم.
في الحقيقة إن هذه الجزئية بالذات من حديث سموه تستحق الوقوف عندها كثيراً وكتابة العديد من المقالات حيالها، فما أكثر الأشخاص الذين أساءوا لمهنة الإعلام الرياضي بظهورهم المقزز في الفضائيات متسولين الشهرة بشكل مبتذل يشفق عليهم من رآهم، وأنا أستغرب كيف يقبل هؤلاء أن تشاهدهم زوجاتهم أو أبناؤهم أو حتى عموم أهاليهم بهذه الصورة وهم يُهانون على الهواء مباشرة؟! أتفهم أن بعض البرامج الرياضية يتعمد معدّوها إلى افتعال الإثارة طمعاً في زيادة عدد المشاهدين، وبالتالي رواج سوق الإعلانات لديهم وهذه خطوة ذكية إذا ما كانت الإثارة في حدود المعقول والمقبول ذوقاً وعُرفاً، أما أن يصبح البرنامج ساحة تنافس للمفلسين فكرياً وثقافياً يتم فيها تداول ساقط القول، فهذا لا يليق لا بالقنوات التي تتيح المجال لهم ولا بالوسط الذي ابتلي بوجود أمثالهم، لذلك أظن بأن الوقت قد حان لتضع هيئة الإذاعة والتلفزيون معايير معينة لضبط هذا النوع من البرامج وتوقيع أشد العقاب على من يتجاوز تلك المعايير قيد أنملة، لقد سئم المشاهد الرياضي من غثاء تلك البرامج وتفاهة المواضيع التي تتصدر النقاش وعدم احترامهم لعقليات المشاهدين، ووفق ما نقرأه في وسائل التواصل الاجتماعي، فإن كثيراً من متابعي الرياضة ومحبيها يريدون مشاهدة الطرح الراقي المنطقي والأفكار التي تثري المشاهدين وتحترم عقولهم، وسيحظى ذلك أيضا بالمشاهدة العالية متى ما تضافرت سُبُل النجاح من إعداد وتصوير وتقديم وديكور، تماماً كما يحصل مع البرنامج الناجح (المجلس) الذي يقدمه المتألق خالد جاسم عبر قناة الكأس القطرية.
نحن على أعتاب مشاريع وطنية كبيرة وفق رؤية 2030 والرياضة هي إحدى مجالات تلك المشاريع الطموحة، والإعلام الرياضي هو أحد روافد النجاح، لذلك لا يليق أن يتم التسويق لرياضة وطننا عبر بعض النماذج الموجودة حالياً وعليه يكاد كل محب لرياضة الوطن يطمح في الصورة العامة، أن يلمس خطوات جدّية لإعداد جيل جديد من الإعلاميين الرياضيين المستنيرين بالعلم والمعرفة والثقافة، ليُظهروا للناس الوجه الجميل المشرق لرياضتنا السعودية، بعد أن تم تشويهه على مدى سنوات للأسف الشديد.
تحدث الأمير نواف بن سعد بكثير من عدم الرضا حول الطريقة التي يتعامل بها بعض وكلاء اللاعبين، ملقياً باللائمة على أحدهم في فشل إحدى الصفقات بسبب عدم نقل المعلومات بشكل صحيح للاعب المراد استقطابه، وإذا كان سموه قد ذكر بالاسم بعض الوكلاء الذين اتسموا بالصدق والاحترام في تعاملهم، فقد بات من الضروري تحرير اللاعبين من بعض الوكلاء الآخرين الذين لم يكونوا صادقين، وتبقى آلية فسخ عقود اللاعبين معهم مسألة تعود لإدارة النادي، لكن من الضروري عدم إبقاء الموضوع معلقاً إزاء هذه المشكلة، لأنها قد تشكل خطراً على مستقبل الفريق في وقت لاحق، خصوصاً إذا كان هذا الوكيل غير الصادق مع الإدارة يحظى بشيء من القبول لدى اللاعبين الموقعين معه، حينها لك أن تتوقع أسوأ سيناريو يمكن حدوثه إذا وصل الخلاف بين هذا الوكيل والإدارة إلى مراحل متقدمة، لذلك أعتقد برأيي المتواضع بأنّ حسم هذا الموضوع وإغلاقه بأي طريقة تراها الإدارة يجب أن يُوضع في سلّم أولويات ملف الفريق الأول لكرة القدم، لا أشكك في دماثة أخلاق اللاعبين ونزاهتهم على الإطلاق، ولكن في الوقت نفسه تجنيبهم الوقوع في خيارات مؤلمة أولوية قصوى في ظل وجود استحقاقات عديدة لا تحتمل أي هزة داخل جسم الفريق.
شكراً من القلب لسمو الأمير نواف بن سعد على كل ما قدمه وما سيقدمه لأجل خدمة نادي الهلال، والأمل بالله سبحانه وتعالى ثم بسموه بأن قادم الزعيم أزهى وأجمل وأكمل وعلى دروب البطولات دوما نلتقي.
- محمد السالم