محمد آل الشيخ
ضج المجتمع وتذمر الناس حينما قال وزير الخدمة المدنية «خالد العرج» إن إنتاجية الموظف الحكومي في المملكة لاتتعدى ساعة واحدة يوميا. قال ذلك في لقاء أجراه الزميل «داود الشريان» في برنامجه (الثامنة مع داوود) على قناة الإم بي سي)؛ وفي لقاء لاحق يوم الأحد مع مجموعة من المحللين الاقتصاديين، تعقيبا على لقاء الوزراء الثلاثة، قال داوود في بداية الحلقة : اتصل بي الوزير العرج موضحا، وأشار إلى أن الدراسة التي اتكأ عليها، هي من إعداد مجموعة من الاستشاريين الكوريين. وعندما استعرض داوود الدراسة التي أشار إليها الوزير في تعليقه، اتضح - للأسف - أن المعلومة التي أوردها الوزير كانت مغلوطة وغير دقيقة، فقد قرأها بالنص الأستاذ داوود وإذا بالعبارة لا تعمم، وإنما تحصر هذا الاتهام في (بعض الموظفين الحكوميين)، ولو أنه ذكرها في صيغة (التبعيض) وليس (التعميم) لوافقه ربما الجميع بلا استثناء، وهذه الظاهرة - بالمناسبة - حقيقة احصائية، منتشرة ومتجذرة في كل دول العالم الثالث، وليس فقط المملكة.
هذا أولا. أما ثانيا فإن رجل الدولة الذي يُقدر الأمور حق قدرها، ويعرف ما يُقال وما لا يُقال ينأى بنفسه عن استفزاز الناس، وجرح كبريائهم، حتى وإن كان لديه من المعلومات الصحيحة، والدقيقة ما يدعم أطروحاته، فكيف إذا كانت معلومة مغلوطة، فمثلا الدكتور العساف وزير المالية الذي شارك في الحلقة، لم يلحظ عليه أحد أنه أثناء ذلك اللقاء قال عبارة غير محسوبة، أو غير دقيقة، من شأنها استفزاز الناس؛ بل كان في أكثر من نقطة يحاول برزانة وتؤدة أن يكبح اندفاع من شاركوه في الحلقة، رغم أن وزير المالية - لا سيما الوزير الحازم - يفتقد في الغالب الشعبية عند العامة، لأن مسؤوليته هي الاطمئنان على نظامية الصرف إجرائيا، كما أنه يستشرف المستقبل بناء على معطيات الحاضر. وهذا في تقديري ما يتميز به رجل الدولة القيادي، الذي يعرف جيدا الفرق بين ما يتفوه به لوسيلة إعلام يشاهدها الملايين، وبين ما يتداولة هو و (ربعه) في الجلسات الخاصة.
كما أن نائب وزير الاقتصاد والتخطيط «محمد التويجري»، أتى هو الآخر بطامة أخرى، حين لم يوفق في اختيار (المصطلح) الذي تؤدي دلالته اللغوية لوصف الوضع المالي الصعب الذي تمر به الدولة، وهو - بالمناسبة - انخفاض في التدفقات النقدية وليس خللا في البنية الاقتصادية كما وضحه المحللون المعلقون على اللقاء، فاستخدم التويجري عبارة (إفلاس)، وزاد الطين بللا عندما حدد خطر الإفلاس بثلاث أو أربع سنوات مستقبلية إذا لم تعالج بواعثه، وهذه سقطة أخرى، لا تقل عن سقطة زميله العرج؛ فكيف تُفلس دولة طرحت سندات للبيع بسبعة عشر مليار دولار، وتقدم لها طلبات شراء تزيد عن ستين مليار دولار؟.. وكيف (تفلس) دولة تختزن أرضها ربع احتياطيات العالم من النفط، ناهيك عن الغاز الذي لم يستثمر بعد؟
الأمير محمد بن سلمان وعدنا عندما طرح مبادرته 2030 بالشفافية، وقد وفا سموه بوعده، ولعل الحراك والحرية الإعلامية التي نشهدها هذه الأيام، خاصة في وسائل الإعلام المرئي والمقروء، يؤكد أن سموه فعلا كان يقصد ما يقول..
إلى اللقاء.