أُلحقت صفة البكم - من قبل البعض - بالصم، وهذا خطأ بلاشك؛ فسليم السمع لو نشأ في بيئة تخلو من لغة الكلام؛ فمن الطبيعي أنه لن يتكلم، فهل يصح أن ينعت بالبكم؟ لا.
ولما كان الصمم هو سبب عزلة من يعاني منه عن لغة الكلام في مجتمعه، فإنه إذا ما عُوِّض بمساعد سمعي مناسب، ودرِّب على النطق، فمن المسلَّم به أنه سيتكلَّم، إذ إن صممه لا يؤثر على سلامة جهاز النطق لديه، ولا سيما أن معظم الصم لديهم قدرات سمعية يمكن الاستفادة منها وتطويرها.
لقد شهدتُ عن قرب نجاح عدد من مدارس الصم في انجلترا وهولندا تتبع طريقة الاتصال اللفظي - نجاحها في تمكين تلاميذها من إجازة لغتهم مع لغة أجنبية ثانية نطقاً وكتابة واستقبالاً.
إن أول من أسس مدرسة عامة للصم تتبع طريقة الاتصال اللفظي هو (صمويل هاينك) في ألمانيا في عام 1778م، أما قبل ذلك فكانت هناك محاولات من أطباء ومعلمين من إيطاليا ثم اسبانيا ثم اسكتلندا ثم انجلترا ثم سويسرا ثم البرتغال ثم فرنسا. إن من أسباب عدم الوصول إلى درجة مقبولة من النجاح في تعليم هذه الفئة للغة المنطوقة ما يلي:
* الركون إلى لغة الإشارة مما يجهض الحافز لتعلم لغة الكلام.
* نقص الكوادر المتخصصة والمتفانية.
* شح الأجهزة المعينة.
* التأخر في العناية بلغة الطفل الأصم حتى بلوغه السادسة من العمر ليلتحق بالصف الأول الابتدائي، أو في أحسن الأحوال الرابعة من العمر للالتحاق بالمرحلة التمهيدية للصم.
* عدم اهتمام مدارس الصم بوضع برامج لدمج تلاميذها بالتلاميذ الأسوياء في مدارسهم.
* انعدام مراكز التوجيه والإرشاد التي يفترض أن تشترك في تكوينها وزارات التربية والصحة والشؤون الاجتماعية، تكون مهمتها إجراء الفحص المبكر وتوجيه الآباء والأمهات إلى كيفية تدريب أطفالهم الصم وتنمية لغتهم المنطوقة، وصرف الأجهزة السمعية المناسبة لهم في سن مبكرة جداً، ومتابعة ذلك بتحديد مواعيد متقاربة لزيارة الأطفال لهذه المراكز بصحبة والديهم.
والله الموفق.
- عضو الاتحاد العربي للهيئات العاملة في رعاية الصم (سابقاً)