محمد المنيف
تطرق وزراء الشؤون الثقافية في مجلس التعاون في الاجتماع الثاني والعشرين الأخير، الذي تم في عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض، إلى توحيد الجهود في تعزيز الهوية الخليجية المشتركة التي تجمعها الكثير من الجوامع والقواسم، واعتبرت الثقافة والتراث أهم ما يمكن أن يمثل هذه الهوية، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتم أو يتحقق إلا بتفعيل دور المشاريع الثقافية؛ باعتبار أن الثقافة أهم العناصر التي يمكنها جمع شعوب مجلس التعاون الخليجي من خلال تلك القواسم (العادات والتقاليد والقيم والموروث المرئي من آثار والمسموع من شعر وروايات وأساطير)، التي تمثل مختلف إبداعات الثقافة التي تُعد إحدى الركائز عند استثمارها وتوظيفها للنهوض بالمجتمعات والحضارات.
كما أن في الاحتفاظ بالهوية ما يُعدُّ مواجهة ومقاومة تجاه المتغيرات كخط دفاع يحمي ما يهدد وحدة الخليج ونسيجه الاجتماعي والإنساني.
والحقيقة، إن ما تم تناوله في هذا الاجتماع من موضوعات متعلقة بمسيرة العمل الثقافي المشترك في دول مجلس التعاون، ومنها التوصيات المتعلقة بمجال الثقافة، التي طرحت خلال ندوة تعزيز الهوية الوطنية الخليجية في اجتماع سابق، وما تبعها من مناقشة لوائح العمل الثقافي المشترك، ومنها مناقشة مشروع برنامج ثقافي خليجي داخل دول المجلس؛ ما يُشعر كل المثقفين على اختلاف وتنوع سبل الإبداع بأن الثقافة تحظى باهتمام كبير من قِبل حكومات الخليج، لا يقل عن الاهتمام بكل ما يخدم شعوبنا اقتصاديًّا وعسكريًّا.
ومن هنا، وبما يشكله الفن التشكيلي من رافد مهم في رحم الثقافة، على كل من ينتمي إليه أن يضع بين ناظريه مسؤولية الهوية، وأن يجعل من واقعه المجتمعي والثقافي وموروثاته منطلقات لهويته، لا أن ينجرف الفنان إلى تقليد لفنون لا تمت لهويتنا بأي صلة أو علاقة؛ لخلوها من الروح الوطنية، مع ما فيها من سوء في بناء الجسد الفني لافتقارها لكل مقومات الانتماء للهوية وللجوانب الجمالية.
لقد جاءت التوجيهات والتوصيات في هذه الدورة أكثر حرصًا وتمسكًا بأهمية الحفاظ على الهوية في ظل ما يعيشه العالم من موجة التغيير، وسحق خصوصية المجتمعات وهوياتهم، التي تُعد أحد أهم مقومات أصالتها.