د.خالد بن صالح المنيف
سؤال كثيراً ما يتكرر! لماذا يكرهني الناس؟
إنّ الناس في شؤون الحب لا يجاملون؛ فالقلب ينبض لمن يستحق! والروح تهوي نحو أصحاب الأخلاق الطيبة!
وللأسف فهناك من يتفنن في إيذاء من حوله بالنَّيل منهم وإساءة التصرف معهم, ومع هذا يشتكي ويقول : لماذا يكرهونني؟!
وأقول له: يداك أوكتا وفوك نفخ! أو كما يقال في المثل الشعبي (حوفك يالرفلا وكليه!)
يزرعون بذور الكراهية ويبذلون لها مجهودات وافرة وأوقات طويلة بوعي وأحياناً دون وعي ثم ينشدون حب الناس ومودتهم!
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
إنّ السفينة لا تجري على اليبسِ
وهم لا يعذرون بهذا؛ فتهذيب النفس مطلوب وتنقية الفكر من الشوائب والشخصية من العادات أمر ميسر وتحت سيطرة البشر , ودونك بعض تصرفات من يكرهه الناس, إن لم تزك نفسك وتهذب أخلاقك منها وتتخلص منها فالنتيجة هي كرهٌ ونفور من القريب والبعيد!
1. العناد الشديد والإصرار على الرأي أياً كان، صحيح وغير صحيح , عسر الخلق يخاصم في صغار الأمور كأنما طُبع على بصيرته، وخُتم على قلبه , صلابة رأس في كل المواقف وثبات على الحق والباطل, وفات عليه أن الانسحاب في بعض المواقف نصر وافتعال الهزيمة فوز!
2. يتصرف مع الجميع بعقلية ( الطفل) فيجب على الجميع مراعاة مشاعره وعدم إغضابه - وهو يغضب على الشيء واللا شيء - ويتعامل مع من حوله بنظام (ألعب وإلا أخرب!) فهو يعيش بعقلية (متسلطة) لابد أن تسمع كلامي وتأخذ بوجهة نظري وتحقق رغباتي وتسير على هواي وإلا أريتك نجوم الظهر وكدرت عليك وأفسدت مزاجك , وهذا المسكين يريد أن يقدم درساً مضمونه : أن رأيي لابد أن يُسمع وإلا سأكرر معكم حماقاتي ؛ فالكل يجب أن يأخذ برأيه ويمشي في طريقه ويستن بسنّته ويقتفي أثره, وإن لم يفعلوا فلن يستنكف عن استخدام أي وسيلة للضغط عليهم ولو كانت عدوانية!
3. من خلال مخالطته الدائمة لمن حوله جزماً سينكشف له بعض عيوبهم وشيء من زلاتهم والتي ربما لا يحترز منها بشر , فيحتفظ بها في أرشيف لديه في ذاكرته , وبمجرد ما يختلفون معه يستدعي تلك الأخطاء كسلاح ضدهم وقد يلجأ للتصعيد أكثر فيلجأ بكل دناءة للفضح والتشهير!
4. نزق الطبع كثير السفه مرتفع الصوت حال الخلاف , ألفاظه جارحة , مفرداته سوقية , قد يعيرك بزلة لك وقد يذكرك بكبوة قديمة وربما سخر من شكلك أو حالتك المادية!
5. لا يتحمل من الآخرين أياً كانت الصلة معهم أي ملاحظة - رغم أنه المستفيد منها - بل ويواجه الملاحظات بعدوانية وشراسة! فإذا ما أبديت أي ملاحظة عليه ولو كانت تخصك وتشكل مصدر أذى لك واجهها بردة فعل حادة, فلا يكتفي بالدفاع عن نفسه بل يقوم بهجوم مضاد، وذلك بالخروج عن الموضوع الرئيس إلى موضوع آخر لا علاقة له بالموضوع الحالي, وهو بهذا يعمل على هدم أي جسر تواصل ويقطع الطريق عليك مستقبلاً فلا تتجرأ على إبداء أي ملاحظة أو التعبير عما يزعجك.
6. في وقت الرخاء ضاحك مستبشر أما في الشدائد فستكتشف أنك أنزلت آمالك بواد غير ذي زرع! وتدرك أنه من اللؤم راضع, وقد تبرأت منه المروءة ، وسدت عليه طرق الكرم يخذلك ويتخلى عنك بكل بساطة ويبيعك بالرخيص بل وربما اصطف مع الظروف الصعبة ومع خصومك ضدك!
7. كثير التمارض والتوجع ومدمن للشكاية والأنين , لا يمر يوم إلا وهو في حالة شكاية فمرة صداع وأخرى مغص وثالثة ضغط مرتفع ورابع دوار , وكلها حيل يمارسها للاستعطاف أو التخلي عن المسؤوليات! فيصدر بهذه السلوكيات طاقة سلبية رهيبة لمن حوله!
8. يتقن فن صناعة النكد ؛ ويخص بها المقربين ؛ فبمجرد ما يحدث بينهم أي سوء تفاهم يتفنن في التنكيد عليهم ووسائله في هذا لا تُعد ولا تُحصى ونفسه طويل وأدواته ماكرة.
9. يهوى قتل الفرحة وتشويه كل جمال ترسمه , والتقليل من الإنجازات, والتشكيك في النجاحات إما عن طريق تهوين الأمور أو التقليل من قدر الناجحين أو حتى عن طريق تجريحهم والافتراء عليهم!
10. دائم التذمر من كل شيء في الحياة , من وظيفته ومن صحته ومن شريك الحياة ومن أولاده , رغم أنه قليل الكفاءة والإنتاجية في جميع أدواره وأكثر من حوله تقصير!
11. لا يشكر نعمة ولا يقدر معروفاً بل تراه يكفر الصنيعة ، ويجحد الإحسان ، وينكر الجميل, لا يعجبه العجب ولا يرضيه شيء ولا يثمر فيه معروف , ولو زللت مرة بعد مسلسل صواب منك جحدك وأنكرك! والخطأ منك عنده تتبخر معه كل حسناتك؛ فالماء عنده ولو كان نهراً يحمل الخبث بأدنى أمر! شخصية مملة بكل ما تعنيه الكلمة!
12. من أسلحته عند (الزعل) – وهو أحد هواياته - هو السكوت والصمت والهجر عابساً ، كالحاً ؛ فلا يعبر عن مشاعره ولا يبوح بما أزعجه بل يكتم في صدره ويلجأ لافتعال المشاكل وإثارة الأزمات!
13. لو حدث منك أي تصرف لم يعجبه فهذا يعني أنه سيقصر في واجباته الرئيسة كزوج أو زوجة وسيهملك تماماً بل وسيتجاهل وجودك، والعجيب أن كل سلوكياته الخاطئة تتم براحة بال ودون أي وخز للضمير لأنها لها تبرير عنده للأسف! فهو يرى أنه مظلوم ومقصر في حقه!
14. يتتبع هفوات من حوله ، ويتعقب سقطاتهم ، ويترقب فرطاتهم ، ويترصد عثراتهم ، ويعد عليهم أنفاسهم , مهاراته متقدمة في الانتقاد الجارح وقدراته غير محدودة في الوقوف على الأخطاء وأسلحته في نشرها فتاكة!
وأخيراً كن على حذر أيها الإيجابي وتأمّل في سلوكياتك وحلل عاداتك, ودونك الأخلاق الكريمة والخلل السليمة، فالطريق لقلوب البشر ميسر لكن للمجتهد الراغب , وفي المقابل إن وجدت أحد تلك العيوب في صديق أو شريك أو قريب، فلعلك تعينه على التخلي عنها واستدراكها وإن لم يفعل فلا تزهد فيه لأن العبرة بغلبة الحسنات لا بغياب السيئات!
ومضة قلم:
لن يموت أحد بدلاً منك .. لذا فإنه يجدر بك أن تحيا حياتك بنفسك!