سهام القحطاني
«أنجيلا ميركل كانت تحمل أوروبا على منكبيها» -هيلاري كلنتون-
كما أن ليس كل رجل قادر على العمل السياسي كذلك الأمر بالنسبة للمرأة؛ فليست كل امرأة قادرة على العمل السياسي، هكذا يجب أن تُقاس تقدير الأمور خارج نمطية طبيعة النوع وخلفيته.
فلايعني الحالة الأولى أن الرجل عندما يكون غير قادر على التفكير و العمل السياسيين كما يتوهم الجميع تعني الاستثناء؛ لأن في هذا التجاوز بالاستثناء مخالفة للطبيعة البشرية التي أُسس تكوينها على مسلّمة الفروق و القدرات الفردية.
ولاتعني الحالة الثانية أن المرأة عندما تكون غير قادرة على التفكير والعمل السياسيين كما يتوهم الجميع تعني التعميم؛ لأن في هذا التجاوز بالتعميم مخالفة للطبيعة البشرية التي أُسس تكوينها على عدم توحيد وتثبيت الفروق و القدرات.
وبالتالي فإن مقيد المعرفة يقوم على أن قياس القدرة والحكم على أصلها و صلاحيتها لايرتبط بالنوع بل بالإمكانيات و الموهبة
وتنمية الاستعداد و تطوير ثقافته.
لايمكن أن ننكر أن من الأسباب المهمة التي تعيق عمل المرأة في العمل السياسي،ثنائية «الرجل و المرأة» هذه الثنائية التي شُكّلت من خلالها العديد من القواعد «التمييزية و التفاضلية».
لاشك أن الضعف لا ينتمي إلى جدول التوصيفات القائمة على الطبيعة بالحتمية، إنما هو توصيف ينتمي إلى «السلسلة التبريرية»، وهكذا يُزاح الضعف من قائمة التوصيف القائم على حتمية الطبيعة إلى المنتمي لجدولة السلسلة التبريرية، وأهمية هذه الإزاحة بالنسبة لمٌنشئ تلك السلسلة أنها تمكنه من وضع جذر منطقي للفكرة التبريرية،وهذا الجذر بدوره يساعده على إيجاد ارتباط بين الأصل الوصفي للفكرة و الصورة الذهنية المدعومة بتجربة طارئة،وهذا الدعم يحول التجربة الفردية إلى مسلّمة مثبتة بالتكرار، ومن خلال ذلك الارتباط المبني على الطريقة العرضية للصورة يتم تعميد السلسلة التبريرية التي يصاغ في ضوئها قانون المعادِل بالتطابق بين «الضعف و المرأة» وهو القانون الذي يستند عليه الفكر الذكوري في تنحية المرأة عن العمل السياسي أو الجماهيري بشكل عام، باعتبار أن السياسة تعتمد على قوة الفاعل، وتحدي المرأة لذلك الاعتبار و تفنيده يحوّلها إلى فراشة نار،كما ترسخ منطقية ربط الضعف بالمرأة بارتباط مقابل وهو ربط «القوة بالرجل» وهما ارتباطان «القوة والضعف» حاصل مشتقات ثنائية «الرجل و المرأة».
والسياسة كما يروّج لها الرجل «علم القوة» وهو ترويج يهدف منه إلى إخراج المرأة من إطارها؛ باعتبارها غير مؤهلة وفق أصل الصفة التي يشترطها وهي القوة؛ في حين أن السياسة تقوم على سلامة الفكر واتخاذ القرارات، وهذه السلامة هي قوة موازية للقوة المادية التي ما يفتأ الفكر الذكوري بالتلويح بها كسلسلة تبريرية.
ولا تقتصر نتيجة التلاعب بثنائية الرجل و المرأة على السلسلة التبريرية بل تشمل أيضا «المقايضة» التي تبتزّ المرأة، وهي «مقايضة» «السياسة مقابل الأنوثة» وهي مقايضة فيها إثبات لأصل صفة السياسة وصفة فاعلها «القوة والرجل».
لقد نشأت المرأة في المجتمع على أن قيمتها الوحيدة في الحياة هي «أنوثتها» الأنوثة بمعناها المادي الإغوائي و الإغرائي ؛إضافة إلى أن الضعف عنوان الأنوثة و القوة عنوان الاسترجال وأصبحت هذه القيمة عقيدة لديها، وأي محاولة لتجريدها تعني لها فقدان لصفة هويتها، وهو فقدان يترتب عليه النبذ والمحاكمة.
وبما أن وفق الأصل المروّج له من قبل الفكر الذكوري أن السياسة تقوم على قوة الفاعل «فلايجوز للمرأة»العمل بها وإلا فقدت أنوثتها،وهذا التهديد لصفة هوية المرأة والضاغط على وجدانها الأنثوي يٌستغل لتنفير المرأة من العمل السياسي، ولترسيخ عقيدة «رجولية العمل السياسي»، عقيدة حوّلت كل امرأة تكفر بها إلى فراشة نار.