محمد آل الشيخ
لم أكن أتوقع أن يتجرأ أحد من غير المسلمين على قصف بيت الله الحرام بمكة المكرمة، فكيف بمن يدعي بأنه مسلم. الحوثيون ومعهم ميليشيا المخلوع أطلقوا يوم الخميس الماضي صاروخًا بالستيًا يستهدف مكة المكرمة، أقدس بقاع الأرض عند المسلمين بجميع طوائفهم، في تصرف أقل ما يقال عنه إنه تصرف أحمق مجنون لا يقدر العواقب حق قدرها، وفي تقديري لا بد أن يدفع الحوثيون والمخلوع صالح ثمنه باهظًا. كما أنه يشير في الوقت نفسه بوضوح إلى أن مموليهم وداعميهم ومن يوجهون كل قراراتهم العسكرية والسياسية وأعني بهم الفرس الصفويين، لا يراعون في عداوتهم للمملكة ولشعب المملكة، بل وللمسلمين، في كل الأصقاع، إلا ولا ذمة ولا أي حدود وأخلاقيات حتى وصلت صواريخهم إلى البيت المطهر، لولا لطف الله جلّ وعلا ثم اعتراض صواريخ الدفاع الجوي لهذا الصاروخ وإسقاطه قبل أن يبلغ هدفه.
ومثل هذا التصرف الطائش وغير المتزن ليس له مثيلاً في التاريخ إلا ثلاث طوام، أولها عندما غزا أبرهة الحبشي البيت الحرام يريد هدمه، فسلط الله عليه طيرًا أبابيل كما في النص القرآني الكريم. والحادثة الثانية حينما قذف الحجاج الكعبة بالمنجنيق في حربه مع ابن الزبير. والثالثة عندما اقتحم القرامطة الشيعة مكة، ونهبوا منها (الحجر الأسود) وغيبوه عنها لست وعشرين سنة كما يقول التاريخ، وهذه هي الحادثة الرابعة. لعن التاريخ مقترفي الحوادث الثلاث الماضية وقطعًا سيلعن الحوثيين وصالح ومن حرضهم ومولهم من الفرس الصفويين.
النزاع في هذه الحرب كما تقول هذه الحادثة انتقل من كونها حربًا إقليمية، إلى أن أصبحت حربًا بين مذهبين، أهل السنة والصفوية وعملائهم، وقد تعمدت هنا أن أصفهم (بالصفويين) تكريمًا لإخواننا الشيعة عنهم. فلا يمكن لأي مرجع شيعي عربي، أو حتى شيخ شيعي، أن يفتي أو يجيز أن تستهدف أقدس مقدساتنا بالصواريخ، مهما بلغت حدة العداوة بينه وبين من يخالفهم.
ومن يقرأ في أدبيات المذهب الصفوي وما يردده أساطينه ومراجعهم، سيجد أنهم يرفعون أجر من (يحج) لعتباتهم المقدسة في العراق على أجر من حج مكة، ويستدلون على ذلك التفضيل بروايات رووها عن بعض أئمتهم تشير إلى هذا التفضيل؛ أي أنهم لا يرون لمكة أساسًا القدسية التي يراها بقية المسلمين بما فيهم الشيعة الامامية العرب. كما أن هناك كثيرًا من المؤشرات التي تؤكد عدم اكتراثهم بأداء فريضة الحج، فإمامهم الهالك الخميني مات ولم يحج، كما أن خليفته خامنئي لم يعرف قط أن حج إلى بيت الله الحرام مع تمكنه من أن يحج.
من جهة أخرى فإن هذه الصواريخ البالستية قديمة، وغير دقيقة التصويب، فقد أطلق الانقلابيون على المملكة 35 صاروخًا منذ بداية الحرب وحتى اللحظة، تم اعتراضها جميعًا، وإسقاطها، مما يؤكد أن هذه الصواريخ أراد منها الفرس الصفويون مجرد طهبلة إعلامية لا أكثر.
بلا شك دخل الصفويون الفرس التاريخ، ولكنهم دخلوه كما دخل القرامطة الصفويون لا أكثر، وهنيئًا لهم بهذه المكانة التاريخية.
إلى اللقاء