عبدالعزيز السماري
ما يجري في بعض دول العالم العربي يدعو للإحباط لدرجة اليأس، فقد وصلت الحالة الاجتماعية في تلك الدول إلى حالة البؤس والفقر والمرض، وحدث ذلك بسبب العامل السياسي، فالسياسة كانت تُدار في هذه الدول بأسلوب مَرَضي، ولا يمكن أن يؤدي إلى النور والبهجة والصحة العقلية في المجتمع.
وصل الاستبداد بالأمر فيها إلى أقرب ما هو لحالة من الاضطراب العقلي، وقد لا نحتاج إلى محللين نفسيين للوصول إلى تلك النتائج، ولنا في سيرة الرئيس العراقي صدام حسين مثال، فقد أوصل العراق إلى الهاوية ولم يتوقف عند ذلك، ولكن استمر في المشي في فصولها بكبرياء وعناد غير مسبوق، فحلت الكارثة بأغنى بلد عربي في الموارد المائية والنفطية والبشرية.
كان الحكم الملكي في ليبيا علامة على الاستقرار السياسي والاقتصادي إلى أن نجح ضابط عسكري مهووس بالسلطة في السيطرة على كل شيء والوصول إلى كرسي الحكم، وكان سلوكه السياسي والنفسي سببًا لتحويل ليبيا إلى أقرب ما تكون لمستشفى للصحة العقلية، بعد أن دفعته شكوكه المرضية إلى الانتقام من كل الأصحاء، فكانت النتيجة ما يحدث الآن في ليبيا.
عاش أهل اليمن تحت انقلابات متوالية، يقوم بها عسكر مهووسون بمرض السيطرة اللا متناهي، لكن آخرهم كان أكثرهم اعتقادًا بأنه يأتي أولاً ثم اليمن، وبالفعل أصبحت اليمن السعيد عنده مستباحة يفعل بها كيفما شاء، وقد استطاع بالفعل أن يوصل بعض اليمنيين إلى الاعتقاد أن لا رئيس إلا علي عبدالله صالح..
وهي حالة أشبه بفلسفة الاستعباد، ولا يمكن أن ننتظر من اليمن أن تخرج من تلك الحلقة في فترة وجيزة، فاليمن تعاني من تركة سياسية مَرَضية، لن يستطيع أيًا كان أن يخرج اليمن من دوامته إلا بمعجزة ربانية.، وقد نجح الشاعر الكبير عبدالله البردوني في وصف علة الهلاك التي تصيب بعض الشعوب بسبب الاستبداد والإصرار المَرَضي على السيطرة على كل الأشياء.
يقول الشاعر العظيم أتدرين يا صنعاء ماذا الذي يجري، تموتين في شعب يموت ولا يدري.، تموتين.. لكن كلّ يوم وبعدما، تموتين تستحين من موتكِ المُزري، ويمتصّكِ الطاعون لا تسألينه إلى كم؟ فيستحلي المقام ويستشري..
في غياب النظام السياسي المتزن، يصل هؤلاء إلى مبتغاهم في السيطرة، ثم يفتكون بمكتسبات تحققت عبر السنين، والسبب صحتهم العقلية، فهم مصابون بداء النرجسية والشك المَرَضي، و يصاحب عادة تلك الشخصية شعور غير عادي بالعظمة، ويسيطر على صاحبها حب غير طبيعي للذات..
أو الاعتقاد أنه شخص نادر الوجود، أو أنه من نوع خاص فريد لا يمكن أن يفهمه إلا خاصة الناس، ثم ينتظر من الآخرين احترامًا من نوع خاص لشخصه وأفكاره، بينما هو استغلالي، ابتزازي يستفيد من مزايا الآخرين وظروفهم في تحقيق مصالحه الشخصية، وهو غيور، متمركز حول ذاته يستميت من أجل الوصول إلى هدفه، مهما كان الثمن، ولو كان دمار البلاد مثلما حصل في العراق واليمن وليبيا.
ولهذه الأسباب على وجه التحديد، تعيش الدول الأكثر اتزانًا وحكمة وبشرية، وتستمر أنظمتها السياسة إلى الأبد، بينما تهلك الدول التي تعيش حسب أهواء ونزوات الرئيس المهووس بالسلطة والجبروت والاستعباد، الذي يصر على المشي بكبرياء وغطرسة غير معهودة وسط الجحيم برغم من هلاكه المحتوم.. والله المستعان.