محمد أبا الخيل
منذ أيام انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي صورة لغلاف (مجلة الدستور) في عددها (279) الصادر في شهر أغسطس 1983م والغلاف يذكر بالبنط العريض أن «وصية الخميني بعد نهاية الحرب مع العراق شن حرباً أخرى لتحقيق حلمه بأن يرفرف علم الجمهورية الإيرانية فوق عمان ودمشق والقاهرة والرياض» - طبعاً لم يذكر بغداد لأن ذلك في نظره تحصيل حاصل-, بحثت كثيراً عن نص وصية الخميني الرسمي حيث وجدت عدة صيغ بعضها فيها تصرف كثير, ولكن تماثل لدي أكثر من (5) نسخ أحدها من موقع الخميني وأخرى من موقع مجلس الشورى الإيراني وتتكون في (29) صفحة، وتتطرق لعدة جوانب سياسية ودينية واجتماعية، ولكن بالتمعن في قراءة الوصية من الناحية السياسية يتجلى واضحاً الفكر الإمبريالي التوسعي لدى الخميني، فهو يرى أن شعب إيران الذي قام بالثورة كما أتى في نص الوصية أفضل من شعب الحجاز في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، متناسياً حديث «خير القرون قرني» وجاحداً لفضل صحابة رسول الله.
الخميني في وصيته لم يكظم غيظه من مخالفيه في السياسة والمنهج حتى من كانوا أصحاباً أو زملاء في الحوزة فسماهم « الأصدقاء الجهلة « ووضعهم مع المتأمرين في معارضتهم تسميته القرآن « كتاب الخلاص» وادعى أن طباعة القرآن طباعة فاخرة وتوزيعه من المقاصد الشيطانية، وذكر بالتحديد «مطابع الملك فهد» وأن ذلك جهد لنشر الوهابية، وفي ذات الوصية يطالب بعدم التهاون بصلاة الجمعة والجماعة ويرى أنها الوجه السياسي للصلاة، ولابد من توظيفها لخلق زخم شعبي عارم محتقن بالعداء لكل ما يخالف منهج الأئمة، ويقصد بذلك كل من لا يمارس التشيع عقيدة وأداء من باقي المسلمين.
الخميني لم ينس في وصيته التشديد على أهمية شتم ولعن بني أمية مع اعترافه بأن أمرهم قد ذهب ولكنه يعلق ذلك برمزية الانتصار لمظلومية آل البيت.
وفي ذيل الوصية يشدد الخميني على تضمين المنائح والمراثي المنظومة في أئمة الشيعة استعراض جرائم الظالمين، وذكر منهم قبحه الله (آل سعود) الذين سماهم خونة الحرم الإلهي العظيم.
نحن اليوم نعاصر الدولة الإيرانية في قمة نشاطها التوسعي الإمبريالي، وأتذكر ذلك العنوان في (مجلة الدستور)، وأقرأ في وصية الخميني، فهل كنا في غفلة عن ذلك؟، ألم نر منذ العام (1980) إرهاصات العداء الإيراني تجاه بلادنا؟, ألم نر الإيرانيين في كل (حج) يختلقون القلاقل لنا ولأمننا؟, ألم نسمع خطابات العداء السافر والتهديد بحربنا من معظم القادة الإيرانيين المدنيين والعسكريين وقبلهم المعممون؟، ألا يكفينا هذا كدليل على أن إيران هي دولة حرب لنا؟، دولة عداؤها لنا عداء عقيدة - وهنا لا أقصد عقيدة التشيع - بل عقيدة العداء لكوننا المعيق لتحقيق ولاية الفقيه، وهي فكرة إمبريالية توسعية تهدف لإخضاع المسلمين لمنظومة فكرية تقوم على قبول (التأليه البشري) واعتبار الولي الفقيه نائب الله في الأرض - هذا الأمر بات الآن ممارساً ومقبولاً بين بعض الأوساط الإيرانية -.
إذاً علينا أن نعي أن إيران لن ولن تصبح في يوم ما وهي تحتكم في سياستها للولي الفقيه ووصية الخميني دولة سلام وجار ينشد وده، إيران دولة عدوة عداء إبليس لعباد الله. وستستمر في مؤامراتها وعدوانها حتى تحقق ما تريد وهو بلا شك أمر بعيد المنال.
علاقتنا مع إيران يجب أن تكون علاقة مناجزة، فكما هم يستعدون علينا الطامعين والضالين ويمدونهم بالسلاح والأموال ليعتدوا على بلادنا ويقصفوا مكة بالصواريخ ويقتلوا رجال الأمن بالغادرين، علينا أن نعاملهم بالمثل، فإيران دولة هشة في بنائها السياسي والاجتماعي فهي تتكون من (11) قومية و(4) مذاهب و(5) أديان متفاوتة في السلطة والقوة، ولكن كل منها يمثل ثغرة يمكن استغلالها في خلق تحديات تشغل حكومتهم وترد كيدها في نحور قادتها.
أعلم أن كلامي هذا ربما لا يتوافق مع سياسة المملكة الرامية لجمع كلمة المسلمين وتحقيق التضامن بينهم بما يساهم في تحقيق تنمية ترفع من شأن المسلمين والإسلام، ولكن كما تقول العرب « بلغ السيل الزبى» ولم يعد هناك حرج في أن نعامل إيران بمثل ما تعاملنا به، فقيادة الحوثي في اليمن هي في إيران ومن أمر بإطلاق الصاروخ على مكة لم يكن يمني الإرادة بل كان إيراني التوجه، وما ننتظره بعد أن يفرغ الحشد الشعبي في العراق من صراعه في الموصل هو أن يتجه جنوباً وبإرادة إيرانية صوب حدودنا وحدود الكويت التي ستكون هدفاً للعدوان بمعاونة الموالين لإيران، فعلينا أن لا نغفل عن ذلك أبداً.
نسأل الله أن يحفظ بلادنا من كيد هؤلاء الطامعين وأن يجمع شمل أهلها على نصرة قيادتها إنه مجيب بصير.