حمد بن عبدالله القاضي
ليس أنبل من الإنسان الذي يسعى للإصلاح بين الناس ونشر وشائج المودة بينهم.
ونلحظ تقلص هذه القيمة بالمجتمع رغم تكاثر انقطاع العلاقات وتوترها بين الناس.
وإذا كان المرء يأسف فإنه يأسف كثيرًا لرحيل أخيار كان في أهم «أجندة» حياتهم السعي لإصلاح ذات البين ووصل حبال العلاقات بين الآخرين وإعادة مجاري التواصل بين المتخاصمين!.
وأمامي قصتان بالغتا التأثير لرجلين أحدهما رحل إلى رحمة الله، والثاني لا أدري ولكن أعرف قصتهّ.
* الأولى فارسها الشيخ المربي الراحل عثمان الصالح عليه رحمة الله، وأروي هنا موقف إصلاح له قام به بأسلوب محبب بين زوج وزوجته كان بينهما شيء من الاختلاف وهجر يحصل بين فترة وأخرى، وكان الشيخ عثمان يعرف ذلك وبطريقة غير مباشرة رغب الشيخ بعودة التصافي بين الزوجين وحدث أن عزم هذا الزوج الشيخ عثمان وكنت معزومًا معه وأكرمنا هذا الرجل على قدر ظروفه المادية، فقد كان متوسط الحال، وعندما دعانا للعشاء على مائدة بسيطة من صنع بيته، ولما جلسنا للعشاء وبدأنا تناول الطعام رأيت الشيخ يثني على طبخة شعبية على المائدة ويطريها إطراءً كثيرًا مع أنها كانت عادية ثم فرغنا من العشاء وجلسنا بعض الوقت، وركبنا السيارة مع الشيخ عثمان قلت له: -رحمه الله- رأيتك يا أبا ناصر تثني على تلك الطبخة على مائدة الداعي وهي مثل غيرها و»ما هنا زود» فقال عليه رحمة الله نعم أثنيت وأطريت هذه «الطبخة» لأنها من طبخ زوجته، وكنت أعرف أن بينهما بعض الاختلاف الذي يتكرر بين مرة وأخرى فأردت أن أجعل هذا الزوج يدرك مهارة وميزات زوجته فيعرف قدرها ويساعده ذلك على التمسك بها وقد لاحظتم سروره وأنا أثني على هذا الطعام، هذا يقرب الأزواج إلى بعضهم أكبرت هذا العمل المبارك من هذا الرجل الخير وكيف وظف ثناءً مستطابًا على طعام زوجة هذا الداعي للتأليف بينهما.
* ما أحوجنا إلى مثل هذه المواقف الأريحية وما أظمأنا لمثل هؤلاء الرجال كالشيخ عثمان التي لا يقوم بها أمثال هؤلاء الفضلاء الذين يغرسون الحب وكم ينطبق على الشيخ عثمان قول الشاعر الذي ينطبق عليه:
طوبى لمن جعل المحبة جدولاً
فسقى أحبته فطاب وطابوا
وهنا أدعو أبناء وبنات المربي المصلح الشيخ عثمان البارين بوالدهم لتسجيل أمثال هذه المواقف الكثيرة لوالدهم فضلاً عن وقفاته بمساعدة الآخرين وقضاء حوائجهم لتدوينها ولو من دون ذكر أسماء ثم توضع في كتاب إبقاء لذكره من جانب وليقتدي بها غيره.
أما الموقف الثاني فهو لرجل فاضل من مكة المكرمة فهو يشبه هذا الموقف نبلاً وإصلاحًا وإن شاء الله أرويه بمقالي القادم يوم الخميس لعدم اتساع مساحة اليوم لروايته.