د. عبدالرحمن الشلاش
عندما توجهت وزارة التعليم العالي قبل سنوات لدعم إنشاء جامعات وكليات أهلية كانت تهدف لإتاحة الفرصة للمواطنين من ذوي الخبرة في مجال التعليم وكذلك المستثمرين للمساهمة في توسيع فرص القبول أمام الطلاب, وتقديم تعليم نوعي في تخصصات يحتاجها سوق العمل, وفتح المجال أمام الأكاديميين السعوديين كي يقدموا عصارة علمهم وخبرتهم ويساهموا في تخريج أجيال مؤهلة، وإعطاء الفرصة لتقديم تعليم عالٍ يُوازي التعليم الجامعي الحكومي في المستوى إن لم يتفوق عليه!
القارئ لواقع التعليم العالي الأهلي منذ قيامه وحتى اليوم يجد أن معظم هذه الأهداف الجليلة لم تتحقق على أرض الواقع للأسف فلا تلك المعاقل الأهلية فتحت فرصاً كبيرة للقبول بسبب ارتفاع رسومها، وفي نفس الوقت لم تقدم تعليماً نوعياً، وإنما قدمت تعليماً ضعيفاً لا يرقى حتى لمستوى التعليم العالي الحكومي الذي يفوقه بمراحل، والطامة الكبرى أنها بدلاً من فتح المجال للأكاديميين السعوديين ليكونوا دعامة قوية قامت بمحاربتهم والتخلص من معظم المتميزين منهم والاستعانة بالأجانب الذين يُشكّلون النسبة العظمى، ولا أبالغ حين أقول إنها تصل إلى نسبة 100% في بعض الأقسام، ثم وضعت العوائق أمام عضو هيئة التدريس المواطن تحت عنوان عريض من المبررات غير المقبولة وعلى رأسها ارتفاع مرتب العضو السعودي مقارنة بالأجنبي لأن هذه المؤسسات التعليمية لا تبحث إلا عن أكبر ربح ممكن، إذا لم تمرر هذا المبرر تلجأ لمبررات أخرى مثل امتداد التخصص، رغم أن معظم الأعضاء الأجانب يتم التعاقد معهم في غير تخصصاتهم فكيف تُعطى الفرصة لهم مع وجود سعودي مؤهل؟
الغريب أن الوزارة بدلاً من تقييم هذا التعليم في المرحلة الجامعية لإصلاحه وتطويره منحت تراخيص لبعض الجامعات والكليات لتقديم برامج في مرحلة الماجستير، بل ورخصت لكليات لتقديم برامج ماجستير دون تعليم جامعي يكون أساساً للدراسات العليا كما هو موجود في كل الجامعات. الأدهى أن بعض تلك الكليات المسماة بكليات الدراسات العليا تُطالب وزارة التعليم بمنحها ترخيصاً لتقديم برامج للدكتوراه رغم ضعفها في برامج الماجستير، ولك أن تتصور متخصصاً في المناهج أو أصول التربية يدرس في برنامج الإدارة ويشرف على رسائل طلابه، ولا تستغرب أن تجد من يدرسون في أقسام أخرى مثل الحاسب أو المحاسبة لا علاقة لهم بالتخصص المهم صرف أقل مبالغ لتحقيق أرباح أعظم. هذا عدا استقطاب الأصدقاء والزملاء والأقارب دون النظر لكفاءتهم المهم أن ينفذوا ما يطلب منهم دون نقاش.
الأمل في الجهة المسئولة عن التعليم الجامعي الأهلي في وزارة التعليم بتقييم الوضع وتصحيح ما يحدث في بعض الكليات وخاصة على مستوى الدراسات العليا.