أحمد محمد الطويان
سألني صديق عزيز من كبار صحافيي لبنان
هل ستخسرون لبنان كما خسرتم العراق؟
وأبدى استغرابه من أنّ السعودية رفعت يديها حسب اعتقاده عن لبنان.. وهذا غير صحيح شكلاً وموضوعاً... أما السؤال الذي يدور في كل أزقة السياسة ويجيبه الجميع مجتهدين بذات اللغة والأسلوب.. هل انتصر حزب الله بعد انتخاب ميشال عون رئيساً؟
إجابتي ستكون،، وإنْ اعتبرت إيران فوز عون انتصاراً لها ولحزبها في لبنان، فإنّ الواقع يقول إنه لم يكن بإمكان عون الوصول إلى الرئاسة من دون سعد الحريري، وأيضاً دعم سمير جعجع، على الرغم من عدم قناعة رموز من فريقه السياسي بأنه الشخص المناسب ومن أبرزهم نبيه بري،، والمؤكد أيضاً أن السعودية لم تتدخل نهائياً في اختيار ميشال عون، وهذا ليس تخلياً سعودياً كما يصوره البعض، بل التزام سعودي بنهج سياسي لم يتبدل، فيما يتعلق بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان في السر والعلن.. ربما جرت مباركة للخيار اللبناني، وهنا يجب التأكيد على علاقة السعودية القوية جداً مع مختلف المكونات اللبنانية، ويقابلها الرموز اللبنانيون بالاحترام الكبير.
تساؤلات لا تنتهي هنا وهناك وفي كل مكان.. ماذا ننتظر من رئيس مغلف بأغلفة حزب الله ومعروف توجهه ومعلوم خطه السياسي؟! ننتظر ربما مثاليات كان يطلقها بين الفينة والأخرى، جعلت حوله مريدين مؤمنين بعقليته وأفكاره، وإن كنت أرى عون رجلاً ليس لديه في السنوات الأخيرة إلا أمل وحيد وهو دخول قصر بعبدا رئيساً،، عون ارتكب حماقات كثيرة في حياته السياسية، كما تسبب في أزمات.. وخاض في تحالفات ولكنه دخل في حلف مع إيران وسوريا طمعاً بالرئاسة ولا شيء غير الرئاسة، وعرف بأنه إذا بقي في فريق ينتمي إليه غريمه التقليدي جعجع لن يكسب، لأن عون معروف بموقفه ضد الطائف ومعروف بماضٍ لا يمكن طمسه بسهولة.
اعتباراً من يوم الاثنين الفائت، أصبح هذا الرجل رئيساً للدولة اللبنانية وليس زعيم مليشيا أو حزب أو طائفة، وعلى الجميع في داخل لبنان وخارجها التروي قبل إصدار الأحكام على أدائه الذي يجب أن يكون منضبطاً ورزيناً وبعيد عن المؤثرات الحزبية.
قد يعود عون عن أخطائه التي ارتكبها وهو يقاتل من أجل الوصول إلى كرسي بعبدا.. بعبدا التي فر منها ذات يوم وقصف السوريين يلاحقه، حتى قبلت فرنسا توفير الأمان له ولمجموعته في السفارة الفرنسية ومن ثم ترحيله لاجئاً إلى باريس. ولم يعد حتى استشهد رفيق الحريري، والحريري الذي أعاده إلى بيروت أعاده بشرعية كاملة إلى قصر الرئاسة، ولكن هل سيجتهد عون في إعادة الحريري إلى السراي الحكومي؟ أم أن المخطط الإيراني يستوجب إبقاء الزعيم السني منزوع الدسم؟ أعتقد هذه فرصة الحريري الأخيرة للتعامل مع السياسة اللبنانية والخروج من دائرة الحديث العاطفي والتحول إلى الفعل الحاسم، ولو أنه تجرع مرارة اختيار عون إلا أنه مطالب بالتعامل مع المعطيات الجديدة بحكمة وسرعة حركة.. يجب أن ينقذ سعد الحريري عروبة لبنان وأن يحذر من ألاعيب خططت لها طهران مسبقاً، ومن يرى المستقبل زاهراً أقول له لا يمكن أن نرى شيئاً والضباب يكسو بيروت، وإذا كان عون قد وقع على بياض لوكيل المرشد الإيراني فإنه من الصعب التنسيق والتفاهم معه،، ولا أحد يمكنه استبعاد أي رعونة أو حمق قد يرتكب!