علي الصحن
يصف مدرب أحد فرق الدوري السعودي فرحة القائمين على ناديه بعد الفوز على الهلال في مباراة دورية بالهستيرية، ويقول إنهم يعدّون الفوز فيها بطولة، وأنها تساوي أكثر من ثلاث نقاط!!
شرفيو أحد الأندية يتركون ناديهم يغرق في المشاكل والديون، وقبل مباراته مع الهلال يضخون الوعود والمكافآت من أجل الفوز وشحذ همم اللاعبين، وبعدها يغيبون على أمل اللقاء بهم في مباراة الهلال في الدور الثاني من المسابقة!!
عشرات المشجعين يفوز فريقهم في مباراة ويخسر أخرى، ويمر الأمر طبيعياً فهذه كرة القدم، غير أن الأمر يتغير بعد الفوز على الهلال فالمئات منهم ييممون شطر المطار لاستقبال اللاعبين وزفهم والقيام بواجب الاحتفال بهم!!
مدرب آخر ولاعب أجنبي وغيرهم ينقلون للشارع الرياضي ما يدور في الأندية التي مروا بها في مشوارهم، وكيف تكون الأيَّام التي تسبق لقاء الهلال مختلفة، كيف يلتم الشمل، وتضخ الأموال، ويتواجد الجميع، وتصرف المتأخرات، وتسدد كل المستحقات، ينقلون كيف تعني مباراة الهلال للجميع من الرئيس حتى أصغر موظف بالنادي، وكيف يكون حجم الرضا أو الغضب بعد المباراة، وكيف هي الحال في غرف الملابس والحافلة!!
تنتهي المباراة وقد فاز الفريق فيها، فيذهب إلى غرف التبديل بشكل طبيعي، أما بعد الفوز على الهلال فالتوجه للمدرج والرقص على إيقاع هتافات المشجعين، والاحتفال يكون بحجم الخصم، حتى يطفئ آخر مصباح في الملعب!!
الفريق يتلقى الخسارة تلو الأخيرة، والهبوط يحاصره من كل جانب، والرئيس لا ينبس ببنت شفة، وبعد الخسارة من الهلال يخرج للحديث عن أي شيء ولو طرفاً من قصيدة مستعارة، فهو يعرف جيداً حجم المتابعة عندما يتعلق الأمر بالهلال!!
القصص على هذا النحو كثيرة، وما من قارئ إلا ويستحضر قصة مماثلة، وما من منافس إلا وجد في الفوز على الهلال مغانم كثيرة.
هؤلاء من لاعبين ومدربين وإداريين وشرفيين ومشجعين، لا يتصرفون بتلقائية، ولا تأتي تصرفاتهم متوافقة من قبيل الصدف، بل هي أشياء متوقعة ولا تستغرب، وردة الفعل بحجم الفعل دائماً، هؤلاء في النهاية يعترفون من حيث لا يعلمون أن الهلال مختلف عن غيره، تجاوز ما سواه، وقيمة نقاطه والفوز عليه تتجاوز الثلاث نقاط بكثييييير!!
ما سبق يخص غير الهلاليين، أما الهلاليون فالغريب أن جمعاً منهم اليوم لا يعرفون قيمة ناديهم، ولا يضعونه في الموضع الذي يستحقه، ووضعه منافسوه فيه بقصد أو بدونه!
هلاليون لا يدركون معنى الهلال، ولا يدركون ماذا يشكل في عالم كرة القدم الآسيوية، ويتعاملون مع الهلال كما يتعاملون مع الأشياء الأخرى، لدرجة تشك فيها بهلاليتهم، وتظن من ضنهم على الهلال أنهم يشجعونه بالاسم، أو يؤدون أدوارهم فيه كوظيفة، ويمارسون فيه مناشطهم كما يمارسونها في أي من الأندية التجارية المتواجدة في شوارع وأحياء المدن والمحافظات!!
هلاليون يجهلون أو يتجاهلون قيمة ناديهم، ولا يعني لهم أمره واستمراره في مقدمة الركب، فريقاً مختلفاً، يتعامل معه المنافسون كما لا يتعاملون مع غيره!!
التنازل عن كبرياء وهيبة الهلال واضح منذ سنوات، وخط الفريق البياني لا يسير بالشكل الذي يريده المخلصون الصادقون له ومعه.
لم تعد قيمة الهلال تعني شيئاً للبعض، من الطبيعي أن يتعاقد الهلال مع أنصاف المواهب وأرباعها ثم يستغني عن آخرين أفضل منهم بطريقة غريبة، ومن الطبيعي أن يتعاقد النادي مع مدربين لا يضيفون أي شيء بل يريدون المال وأن تتضمن السيرة الذاتية لهم المرور بالهلال، ومن الطبيعي في هلال اليوم أن يستمر لاعب ما بالتواجد في قائمة الفريق رغم أنه قدم ما لديه، ومن الطبيعي أن يحضر اللاعبون الأجانب لمتابعة المباريات من كنبة الاحتياط.
الهلال الذي كانت الأندية لا تتجرأ على فتح الملعب أمامه، وتخشى من التسجيل في مرماه تحسباً لردة فعل ترد الكيل بأضعافه لم يعد موجوداً اليوم، بل صار من الطبيعي أن يخسر من أندية لا تقارن بتاريخه، وصار عاجزاً عن الرد على خصومه عندما يتقدمون عليه، بل ربما سلم بالنتيجة فور هز شباكه!!
أي هلال هذا الذي نشاهده اليوم؟ غير فريق يتمسك ببقايا هيبة ورائحة تاريخ وعبق ماض لا يقارن، وإن لم يعمل الهلاليون على دراسة واقع ناديهم ووضع خطوط عريضة للحفاظ على مكتسباته التاريخية ومجده العظيم، فهي بضع سنوات ويجدون فريقهم قد ترك القمة وذهب مع الريح، والنذر تتوالى فهل يدركون ذلك؟